تسع سنوات من معايشة معاناة المرضى على أبواب العيادات، ومراقبة أوجاعهم وآهاتهم التي تزداد بسبب آلية الحجز عند الأطباء، وانتظارهم الطويل الذي قد يدوم ساعات عدّة؛ كانت كفيلة بأن يشعر بصعوبة أوقات الانتظار هذه، فقرر أن يخطو خطوة نحو التخفيف عن المرضى وتبديد الصعوبات التي تواجههم في العيادات الطبية، ما دفعه إلى التفكير في تصميم موقع إلكتروني يساعد المريض على تجاوز المشاكل المتعلقة بزيارة الطبيب.

الشاب محمد أبو شعيرة (32 عامًا) الحاصل على بكالوريوس تمريض قرر بعد تفكير طويل أن يبدأ مشروعه الريادي المتخصص في تقديم الخدمات الطبية من خلال موقع إلكتروني يساهم في التخفيف من معاناة المرضى بشتى أشكالها، ويطرح خدمات أخرى.

خدمات متعددة

وبين أبو شعيرة في حديث لـ"فلسطين" أن مشروعه الذي أطلق عليه اسم " "Treaterzعبارة عن موقع إلكتروني، ويرافقه تطبيق خاص بالأجهزة الذكية، ليقدم خدمات صحية إلكترونية، ومن أهم الخدمات التي يقدمها تخفيف حدة المشكلة التي تواجه الكثيرين في حجز موعد مناسب ودقيق عند الطبيب، وذلك بإتاحة الحجز المباشر الإلكتروني لدى عيادة الطبيب بناءً على الموعد الذي يناسب المريض، ما يجعله يتوجه إلى العيادة في الموعد بدلًا من الانتظار فيها ساعات.

وأشار أبو شعيرة إلى أن الخدمة الثانية التي يقدمها الموقع هي اشتراء الأدوية عبر (الإنترنت) بإرسال اسم الدواء أو صورة له، فيشتريه الموقع ويرسله إلى المريض، هذا إلى جانب طلب التحاليل المخبرية بالتواصل مع أقرب مختبر في منطقة السكن لكي يتوجه الفني إلى بيت المريض لسحب العينة المطلوبة لإجراء التحليل ثم تحليلها وإرسال النتيجة إلكترونيًّا أو ورقيًّا للمريض.

ومن الخدمات التي يقدمها الموقع طلب الرعاية المنزلية الكاملة، ففي بعض الأحيان يضطر أهالي المرضى إلى تركهم بمفردهم في البيت، فبدلًا من ترك المريض وحده يرسل الموقع شخصًا مختصًّا للجلوس معه في البيت أو المستشفى.

وبين أبو شعيرة أن فريق الموقع يتكون من ممرضين ومختصين في العلاج الطبيعي والفيزيائي، وآخرين يقدمون الدعم النفسي للكبار والصغار، معقبًا: "هذه الخدمات لم تتوافر بطريقة سهلة، بل تواصلت أنا والفريق مع كثير من الأطباء والاستشاريين والعيادات الخاصة".

ويسعى أبو شعيرة إلى تحقيق الهدف العام من عمل الموقع، وهو التخفيف من معاناة المرضى، وحل مشكلة الحجوزات، إضافة إلى هدفه الشخصي إنجاز فكرة نوعية، يحقق بها نجاحًا، مؤكدًا أن "ملائكة الرحمة هم ملائكة ريادة الأعمال أيضًا".

مطبّات

الطريق لم تكن ممهدة أمام أبو شعيرة، بل واجهته مشاكل الظروف الاقتصادية الصعبة، ونقص التمويل، إلى جانب نقص الخبرة في مجال البرمجة وتكوين قاعدة البيانات، لكن ذلك لم يقف عائقًا أمامه، فقد اتجه نحو البحث عن كل ما يدعم فكرة مشروعه، ولم يضيع وقته بل نزل إلى الميدان وتوجه إلى العيادات الخاصة وتحدث إلى الأطباء والمرضى، ودرس عملية الحجز ليعرف آليته، والمعوقات التي تواجه المرضى وتؤدي إلى انتظارهم أوقات طويلة، واستمع للمقترحات والحلول التي من شأنها أن تحد هذه المشاكل، إلى أن وصل إلى الطريقة الفضلى لتطوير مشروعه.

ولفت أبو شعيرة إلى أنه تمكن من تنفيذ فكرته من خلال "مشروع بذرة"، الذي يرمي إلى تمكين الشركات الريادية الناشئة ودعمها فنيًّا وماليًّا لمساعدتها على تقوية مركزها، وتوسيع نطاق عملها في السوق، ويرمي على المدى البعيد إلى المساهمة في تنشيط قطاع الأعمال وتكنولوجيا المعلومات في قطاع غزة، يقول: "كان مشروع بذرة بمنزلة الأمل الحقيقي الذي حول أفكاري المكتوبة على الورق إلى مشروع حقيقي، وكان وسيلة لخلق فرص عمل لبعض الخريجين وذوي الخبرات في المجالات الصحية والإدارية".

وبكل ما أوتى من قوة إرادة إلى جانب التفكير يسعى أبو شعيرة إلى تطوير المشروع، فقد نجح في وضع خطة تطويرية لمدة خمسة أعوام، ترمي إلى توسيع نطاق المشروع الريادي ليشمل محافظات الوطن كافة على المدى القريب، إضافة إلى التفكير في التوسع للوصول إلى الدول العربية والأجنبية على المدى البعيد، وينوي إضافة خدمة الاستشارات الطبية المباشرة عبر (الإنترنت) مع أطباء من شتى دول العالم، وخدمة أخرى تتيح للمريض تسجيل الأعراض التي يعاني منها ليرشده إلى الطبيب المختص الذي يناسب حالته.