قائمة الموقع

"المكرميات".. فن نظم الخيوط وحبكها يحيى بين الأصالة والابتكار

2023-07-23T09:40:00+03:00
"المكرميات".. فن نظم الخيوط وحبكها يحيى بين الأصالة والابتكار

في عالم يتسارع فيه التطور التكنولوجي والتغير الاجتماعي، تبقى الحرف الفنية القديمة جوهرًا لثقافاتِنا وتراثنا العربي، وتعد مشيرة فارس، الفلسطينية من قرية "حرفيش" في مدينة صفد المحتلة، مثالًا حيًّا على كيفية إحياء هذه الحرف وجعلها جزءًا من واقعنا المعاصر.

فعبر تصميمها الجريء والمبتكر لفساتين المكرميات، استطاعت تقديم الفن القديم بأسلوب عصري يناسب ذوق النساء المعاصرات.

وتقول الأم لطفلين، إن المكرمية تروي قصة فريدة وتحمل في طيّاتها جمالًا وأصالةً تمتزج مع الابتكار الحديث.

وتتحدث فارس عن العلاقة التي تجمعها بفنّ المكرميات منذ 6 سنوات، إن البداية كانت مجرد هواية تمارسها بسبب عدم تمكنها من إكمال تعليمها، "ولم أحتاج إلى الكثير من المواد لأجرب هذا الفن، كل ما احتجته كان خيطانًا، ومقصًا، ومترًا، وعود خشب".

فن العقد

استطاعت فارس أن تنجز أول مكرمية من بعد عدة محاولات فاشلة لإتقان فن العُقد عبر دروس تعليمية ذاتية استقتها عبر منصة "يوتيوب" ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى التي باتت اليوم تسوق منتجاتها من خلالها.

وتقول: "نحن نتعلم أيّا كان نوع هذا التعليم سواء أكان أكاديميًا أو حرفيًا حتى نحصل على مهنة، وأنا أعمل في مهنة أحبها ولا أتخيل نفسي من دونها".

وتضيف: "وجدت في المكرميات فرصة عمل مريحة من البيت، وسعيت لتطوير مهاراتي في صنعها أكثر بممارستها يوميًا حتى أصبحت جزءًا من تفاصيل حياتي".

ويعرف فن المكرمية بأنه فن نظم الخيوط وحبكها، وترتيبها ترتيبًا محكمًا وأنيقًا بحيث تعطي شكلًا فنيًا ذا مظهر جمالي، ويمكن من خلال الخيوط والعقد عمل العديد من الأشكال والتصميمات، إذ ينسج منها السجاد، والستائر، والبراويز، وحقائب اليد، والقلائد، والفساتين البسيطة، ويمكن عمل ديكورات مكرمية لا عد ولا حصر لها.

ويعد فن المكرمية نوعًا من الأعمال الحرفية الفنية اليدوية، ولكنه يتميز بأنه لا يحتاج لأدوات تقليدية للحياكة مثل الصنارة وأسياخ الغزل، بل يعتمد على تشكيل وتجميع حبال متماسكة بطريقة متينة وبإتقان. 

وتمضي "فارس" إلى القول بأن فن المكرمية يعتمد على صنع وحدات مضفرة من الخيوط تعد بشكل معين بحيث تكون جميع العُقد متساوية في الشكل والحكم، وتعتمد تقنية فن المكرمية على تعقيد أطراف الخيط أو الحبل المستخدم بحيث يمكن تعليق شيء فيها، ومنها تعقيد الغرز التالية وتشبيكها فيها.

وتشير إلى وجود العديد من أنواع الغرز ولكن يجب أن يبدأ الأشخاص المبتدئين بالغرزة المربعة لأنها واضحة وبسيطة، فهي تتكون من عقدتين متراكبتين تلتف كل منهم في اتجاهين عكسين وتعد العقدة الأساسية المتعارف عليها منذ القدم في فن المكرمية.

ولا تعرف فارس سبب تعلقها بالفن، ولكنها تقول إن "هناك علاقة وطيدة بين الخيطان ويداي، عشقت هذا الفن الذي أعمله بيدي من دون ماكينة".

تمسك بالهوية

وتضم مجموعة منتجات فارس من الخيوط والعقد، علاّقات الملابس، وستائر، وأسرّة خاصة بالأطفال، وحقائب، ومفارش طاولات، وجداريات زينة، وفساتين مكرمية تُسوقها تحت اسم "عقدة"، وقد شاركت بمجموعتها في أول عرض أزياء في مهرجان عروض الأزياء العالمية في مدينة دبي.

وتصف فارس تجربتها بأنها "من أجمل التجارب والتحديات، قراري بالاشتراك لم يكن بالسهل ولكن كنت متأكدة أني أستطيع فعلها، كما أن العرض لم يكن عرضًا عاديًا، كان من أجمل العروض".

وتقول إنها واجهت بعد الكثير من الانتقادات والإحباطات، "ولكن إرادتي وإيماني بقدراتي وعزيمتي وحبي لعملي دفعني نحو الاستمرار".

وتواجه فارس معضلة في تسويق قطعها الفنية خارج فلسطين بحكم إقامتها في الداخل الفلسطيني بأراضي 48، خاصة أنه ترفض قطعًا بيع منتجاتها أو تسويقها بعلامة تجارية باللغة العبرية أو أن تدون عليهم عبارة "صنع في (إسرائيل)".

ولتتغلب فارس على ذلك تلجأ فارس إلى استخدام القنوات التجارية المتوفرة في الأراضي الفلسطينية والأردن، وتعقد شراكات مع محلات ومعارض فنية في تلك المناطق، وتستغل أيضًا وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية للتعريف بأعمالها وبيعها عبر الإنترنت.

وتختم بالقول: "هذه البدائل ترفع تكاليف التصدير، إلا أنها تسمح لي بالحفاظ على هويتي الفنية، وتحقق لي مرونة أكبر في التسويق لمُستهلكين محتملين من خلفيات ثقافية وجغرافية متنوعة"، وتأمل أن تجد الدعم والاهتمام".

اخبار ذات صلة