"ما كان بالأمس حلمًا أصبح اليوم حقيقة".. كُتبت هذه الجملة على مدخل بيت الطالب المتفوق قصي أبو ريدة، الذي عانى منذ ولادته نقصًا حادًا بالكالسيوم تسبب له بعدة أمراض.
على مدار سنوات الدراسة، تحدى قصي مرضه واجتهد لتحقيق حلم وضعه أمام عينيه منذ صغره وهو التفوق بالثانوية العامة والحصول على معدل مميز، والدراسة في إحدى الجامعات لإكمال دراسته، ورفع رأس عائلته التي هيأت كل الظروف له.
اعتمد قصي الذي واجه مشاكل في أثناء ولادته على نفسه في الذهاب لمدرسته ومراجعة دروسه، ووجد أجواء من الاحترام من معلميه وزملائه في كل فصل دراسي يذهب إليه.
ساعدت حالة التعاون التي وجدها قصي في تقبله للدراسة بشكل أكبر، حتى أصبح يحصل في نهاية كل عام دراسي على معدلات مرتفعة تتجاوز 90%، ما يحفزه إلى الدخول لمراحل دراسية أخرى.
اقرأ أيضاً: بالصور "الكتلة الإسلامية" بغزة تكرّم أوائل الطلبة بالثانوية العامة لعام 2023
يقول قصي وهو يجلس على كرسيه المتحرك لصحيفة "فلسطين": "الحياة الدراسية بالنسبة لي ليست سهلة فهي صعبة من بداية لحظة الاستيقاظ في الصباح والتجهيز قبل الذهاب للمدرسة".
ويبدأ اليوم الدراسي لقصي بتجهيز كرسيه المتحرك للتوجه للمدرسة، وحرصه على تفادي بعض الطرقات غير المعبدة خاصة في فصل الشتاء ومع هطول الأمطار.
يقول قصي: "لم أفكر يومًا واحدًا بالتراجع عن إكمال الدراسة في المراحل المختلفة، بالرغم مما أواجهه من صعوبات في التنقل بين المدرسة والبيت، بسبب حالتي المرضية وعدم قدرتي على المشي".
الفرحة الكبيرة
مع وصول قصي إلى مرحلة "التوجيهي"، أعد نفسه جيدًا بتكثيف ساعات الدراسة، ووضع هدفًا أمامه، وأمسك ورقة وألصقها على حائط غرفته، كاتبًا فيها نسبة 95.4 بالمئة، وهو ما حصده فعلًا بالفرع الأدبي.
طيلة العام الدراسي اعتمد قصي على نفسه في الدراسة بعد مغادرة مدرسته، مع لجوئه لوالديه لمساعدته في مراجعة دروسه.
وقبيل بدء الامتحانات كان قصي حبيس غرفته، مع تهيئة عائلته ظروف الدراسة ومراعاة وضعه الصحي، عبر الاطمئنان عليه بشكل مستمر، والتأكد من حصوله على الأدوية.
وقد جاءت لحظة الانتظار لقصي، إذ وصل معدله عبر رسالة عبر هاتفه الخلوي لتعم الأفراح داخل منزله في منطقة بني سهيلا شرق مدينة خان يونس، إذ حملَه أشقاؤه ووالده على الأكتاف احتفاءً بتفوقه.
أكرم أبو ريدة؛ والد قصي، أكد أن ابنه عانى مشاكل صحية خلال ولادته، أثرت على نموه طبيعيًا، وتحركه أيضًا.
ويقول أبو ريدة لـ"فلسطين": "كافح ابني قصي في تلك السنوات، وتجاوز كل ما واجه في حياته، حتى وصل إلى التفوق في الثانوية العامة ورفع رأسنا".
ويضيف أبو ريدة ودموع الفرح تملأ وجه: "كنت أتوقع تفوق قصي وحصول على معدل مميز في الثانوية العامة، فقد كان مواظبًا على دراسته".
وسيعمل أبو ريدة الأب على مساعدة قصي في تحقيق المرحلة الجديدة من حياته الدراسية الجامعية، بتسجيله في التخصص الذي يرغب فيه.