فلسطين أون لاين

"يوم مؤلم" تحول في لحظة إلى فرح

فرحة المتفوقة "نور السرساوي" تزهر في ذكرى استشهاد والدتها

...
الطالبة نور السرساوي
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"هربنا وتركنا أمي خلفنا ولا ندري أين نذهب؛ فقد كنا نركض، يسألني إخوتي: أين أمي؟!"، كانت جموع من الناس تركض مثلنا وتحمل أطفالها، من كثرة دموعي لم أكن أرى بوضوح، نسمع القصف في محيطنا حتى اتضحت الرؤية بعد هدوء القصف، باستشهاد أمي".

مرت تسع سنوات فاجعة، فقد فقدت أمها في 20 يوليو/ تموز 2014 خلال مجزرة ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين في حي الشجاعية شرق غزة، لكن هذه المرة كانت ذكرى استشهاد والدة نور السرساوي مختلفة، فلم توقد العائلة شمعة حزن جديدة، فابنتها المتفوقة بالثانوية العامة أزهرت بمعدلها 96.3% في الفرع العلمي في ذكرى الاستشهاد ذاتها.

لم تنسَ "نور" آخر حضن وقبلة من أمها حين أُعلِنت نتائج الثانوية العامة وحصول شقيقتها "أنسام" على معدل ٩٤٪، تذكر فرحتها بها وكلماتها: "رفعتي راسي يما"؛ فقد كانت النتائج قبل استشهادها بخمسة أيام.

لحظات ترقب

 جاهدت "نور" نفسها لتحقيق نفس الأمنية ولتعبر عن حبها لوالدتها، فكانت تعارك مناسبتين تزاحمتا في داخلها، وأوقدت شمعة فرح كأنها دموع إعلان انتصار جديد، لتمر الذكرى المؤلمة بنفس موعد النتائج، وتزيح ستار الحزن عن قلوب العائلة في هذا اليوم وهي تدخل فرحة غمرت قلوب العائلة بعد تسع سنوات سكنها الحزن.

اقرأ أيضاً: بالصور "الكتلة الإسلامية" بغزة تكرّم أوائل الطلبة بالثانوية العامة لعام 2023

قبل ليلة إعلان النتائج، كانت تترقب بقلق، والتفكير فيما ستحصل عليه من نتيجة تزيد رهبتها كلما اقترب وقت إعلانها، كانت على يقين أنها من المتفوقين، وأنها سترفع رأس والدها بها، وترسم على وجهه فرحة انتظرتها العائلة.

جلست ومن حولها أفراد أسرتها، بعد أن توافد بعض الأقارب من الأعمام وزوجاتهم وأبنائهم، تجمع الجميع حول الهاتف المحمول.

اقتربت عقارب الساعة من التاسعة صباحًا، وصلت النتيجة كخبر ألقى الفرح بين يديها، وأطلقت الزغاريد، بالونات الزينة، أطباق الحلو، هكذا كان المشهد في ساحة استقبال الضيوف في منزلها.

رسالة تفوق

يمتلئ صوتها بالفخر وهي تحاول حبس دموع فرح داهمتها في مستهل حديثها لصحيفة "فلسطين": "رسالتي ألّا نستسلم للأحزان والآلام فعلى الرغم من صعوبتها، فإن علينا أن نصبر على ما حل بنا، أرى تفوقي جائزة من المولى عز وجل على ما صبرت عليه من آلام عشتها خلال السنوات التي مضت دون أمي".

صمتت، وتمالكت نفسها، مضيفةً: "كان الـ 20 من يوليو، ذكرى مؤلمة تمر حزينة علينا ونحن نستذكر اللحظات التي عشناها في ذلك اليوم، فتحولت ليوم فرح وذكرى جميلة".

عن سؤال: "كيف جعلت الفقد دافعا للتفوق" يتكئ صوتها على عكاز الصبر، تجيب: "تغلبت على الفقد بالصبر والرضا بقضاء المولى وقدره، ووجود أبي في كل لحظة من لحظات حياتي، كان الدافع الأهم تلك الابتسامة التي رأيتها في عيني أمي لحظة تفوق أختي أنسام، فاجتهدت وثابرت لأعبر عن حبي لأمي ولأختي الكبرى عبير".

لم يمر عام التوجيهي سهلا على "نور" وزميلاتها في التوجيهي ففي الأول من آب/ أغسطس 2022 شن الاحتلال عدوانا على غزة استمر ثلاثة أيام، وفي مايو/ أيار شن عدوانا جديدًا على غزة استمر خمسة أيام قبل تقديم الامتحانات بشهر، أعاد نبش ذاكرة "نور" فتحركت مشاهد القصف والنزوح ووداع أمها دون تشييع عام 2014، فضلا عن أزمة الكهرباء، وبعزيمة وإصرار تغلبت وتحملت.

بعد تفوقها قررت "نور" دراسة الطب، وهذا الحلم نما داخلها منذ المرحلة الإعدادية، تأتي من الماضي بموقف لا تنساه: كانوا ينادونني "الدكتورة نور"، لأني شخص هادئ وحنون وأناسب "شخصية الطبيب"، وهذا حفزني وربطني بالتخصص، علما أنني كنت بالابتدائية أحصل على معدل جيد جدا، ثم تعبت كثيرا وأصبحت أحصل على الترتيب الأول في الإعدادية والثانوية.

 

الطالبة نور لمادة الزميل يحيي اليعقوبي.jpg