فلسطين أون لاين

حلم بدراسة الهندسة الإلكترونية

الشهيد "مجدي عرعراوي".. فرحة التفوق كسرها ألم الفقد

...
والدة الشهيد عند قبره بعد إعلان نتيجته
جنين–غزة/ يحيى اليعقوبي:

وقفت أمام قبره الذي زينته الورود، ودنت من اسمه وهي تحمل صورته، غابت ابتسامة الفرح عن ملامحها التي احتلها الحزن، وجرت على خدها دموعٌ حارقة، تخاطبُ روحه بصوتٍ تخنقه الدموع، ويملأ الفخر قلبها: "الله يرضى عليك.. رفعت راسي بالدنيا والآخرة".

هكذا تبدلت مراسم السعادة التي كانت تُخطّط لها احتفالاً بنجاح نجلها الطالب في الثانوية العامة مجدي عرعراوي (17 عامًا)، الذي استشهد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، خلال العدوان على مدينة جنين ومخيمها في 3 يوليو/ تموز الجاري.

بدلاً من أن تعيش فرحة تفوق نجلها، ذهبت عرعراوي إلى قبر نجلها لتخبره بحصوله على معدل 90.4% بالثانوية العامة – الفرع الصناعي، وتعيش لحظة "فرح" بمشاعر حزن تكويها دموع قهر وفقد أثقلت قلبها، وأججت ناره.

أوفى بالوعد

أوفى الشهيد عرعراوي بوعد قطعه لوالدته بأن يدخل فرحة التفوق إلى منزلها بعد ست سنوات من وفاة والده، في إثر مرض السرطان، ولم تدرك أنه سينال الشهادة قبل إعلان نجاحه في الثانوية العامة، وسيضيف جرحًا جديدًا لقلبها، وأن حلم نجلها بدراسة الهندسة الإلكترونية لن يكتمل.

قالت والدة الشهيد لصحيفة "فلسطين"، بكلمات تقطعها الدموع: "كنت أنتظر النتيجة على أحر من الجمر، وأرجأت سفري لشقيقتي في عمان إلى حين إعلان النتائج، استجابةً لطلب "مجدي" بأن أبقى لمشاركته فرحة النجاح".

اقرأ أيضاً: تقرير الاجتهاد يفوق الذكاء.. "روشتة" ورد البغدادي للتفوق

"الحمد لله، ربنا أكرمه بشهادة بالدنيا وشهادة بالآخرة ورفع رأسي عاليًا وتعبي لم يذهب هدرًا" يحملها صوتها لذكريات قريبة وأحاديث مع نجلها الشهيد، دارت حول توقعه للنتيجة: "كان دائما يقول لي بصوت الواثق: "حفرحك بالتوجيهي وأجيب معدل 90%. حسبي الله في اليهود، قتلوا فرحته".

كانت شقيقته "فرح" شاهدةً على عامٍ اجتهد فيه شقيقها الشهيد بشكل مختلف عن الطلاب الآخرين، فإضافة للمذاكرة ونظرًا لصعوبة وضع عائلته بوفاة المعيل الأول والده، عمل خلال الإجازة الصيفية في مجال التكييف والتبريد، لدفع تكاليف الدروس الخصوصية ومتطلبات التوجيهي، ومساعدة أمه لأن لديه شقيقة تدرس بالجامعة.

حلم لم يكتمل

"ما راح أخليكِ تدفعي ولا شيقل عليّ"، بهذه العبارة كان مجدي يخفف عن قلب والدته ويوجه لها بشرى سارة. ومن نافذة الذاكرة، يتبادر إلى ذهن شقيقته حوارها معه، حينما سألته عن توقعه لنتيجته، فأجاب بتفاؤل قائلاً: "ربما يكون نسبة 94%".

يمتزج صوتها بالفخر، تقول لصحيفة "فلسطين": "مجدي كان متفوقا وذكيا وكان يدرس بتفانٍ لأجل هذه الفرحة، فيقضي حوالي عشر ساعات يوميًا في الدراسة، للحصول على معدل مرتفع يؤهله للحصول على منحة جامعية ليتمكن من الالتحاق بتخصص هندسة السيارات الكهربائية الذي يحلم به".

سلك شقيقها طريقًا مليئًا بالألم والمصاعب، فلم يزد عمره على أحد عشر عامًا عندما فقد والده، سبقتها ثلاث سنوات أخرى عانى فيها والده مرض السرطان، فحرم من دفئه وعاش اليتم مبكرًا.

وأضافت فرح برنة ألم في صوتها: "كان شقيقي على قدر المسؤولية بأن يدخل الفرحة على قلوبنا، لكن الاحتلال قتلها وحرمه الفرحة، وحرمنا كذلك، فقلوبنا مكسورة لأن "مجدي" من يجب أن يفرح الآن".

خططت عائلة مجدي عرعراوي لإقامة احتفالية فرح كبيرة بتفوقه في الثانوية العامة لكونه الأصغر بين إخوته وأبناء أعمامه الذين احتضنوه بعد وفاة والده، ولكن إجرام جيش الاحتلال غيَّر المسار، فالعائلة وزملاء الدراسة توافدوا للمنزل لمواساة أمه، وإبداء الفخر والاعتزاز بالنتيجة التي حققها الشهيد.

الشهيد مجد عرعراوي.jpg