من جديد يسجل قطاع غزة انتصاره في وجه الاحتلال وحلفائه وأعوانه، ويتجاوز كل الظروف القاسية التي فرضت عليه، من حصار وإغلاق واستهداف، والتي صممت خصيصًا كي ينهار قطاع غزة، ويسلم الراية، ويستسلم لواقع يفرضه عليه الاحتلال والقوى الدولية، والتي أرادت ولازالت تريد القضاء على قلعة المقاومة في غزة، لكن غزة (امتشقت السلاح) وقاتلت في كل ميدان وسابقت وسبقت في ظروف حرجة، ولم تلتفت لجرحها النازف، ولا لقسوة المؤامرة، بعد أن أيقنت أن النصر مع الصبر والجد والاجتهاد، لتحقق نصرًا عظيمًا في ميدان العلم، وقدمت نموذجًا مشرقًا وهي تخرج كوكبة من طلبة الثانوية العامة، حصدوا معدلات تجاوزت 99% في نصر شهده العالم، وهو يتعجب من هذه الإرادة، ومن هذه الروح الوثابة للتفوق والنجاح.
هذه النتائج المشرفة التي أبهرت الجميع لم تأتِ من فراغ، بل هي نتاج جد ومثابرة واجتهاد طوال عام شاق وصعب وملئ بالأحداث المؤلمة، عايشه طلبة الثانوية العامة من: قطع متواصل للكهرباء، والقصف والاستهداف، وفقد الأحبة، وأزمة الرواتب، وارتفاع مستوى الفقر، وصعوبة المناهج الدراسية، وغيرها من الأزمات والظروف الصعبة التي يعانيها الطلبة كمكون مهم ضمن هذا المجتمع يتألم معنا ويدفع الثمن، لكن ذلك لم يؤثر نهائيًّا على هؤلاء الطلبة، فقاتلوا بقوة ونهضوا من تحت الركام بكل عزيمة وإصرار وحققوا هذا الانتصار ورسموا لوحة جميلة من السعادة في شوارع ومدن وأزقة ومنازل غزة.
اقرأ أيضًا: نتائج الثانوية العامة.. بالعلم نقاوم
اقرأ أيضًا: ماذا ينتظر الفلسطينيون من اجتماع القاهرة المقبل؟
فمن يشاهد قطاع غزة ويرى أجواء الفرح والتي تخللها؛ "توزيع الحلوى في البيوت والشوارع والميادين العامة وإطلاق الألعاب النارية، وصوت الزغاريد، والاحتفالات، وغيرها من المظاهر الجميلة يدرك تمامًا بأن غزة مصممة على تجاوز الصعاب ومواجهة كل التحديات؛ لكي تعيش بعزة وكرامة، وتقهر الاحتلال في كل مناسبة، وتفشل أهداف الحصار، وتدوس هذه المؤامرة بكل ما تملك من قوة، وهي تسير في طريقها نحو الأهداف والغايات الوطنية الكبرى التي لن تتحقق إلا من خلال هذا الطريق، والذي رسم بالتضحيات في جميع المحطات، وهذا ما يغيظ الاحتلال، والذي استخدم جميع الوسائل لتركيع غزة، لكنه فشل ويفشل في كل محاولاته.
رسالة غزة اليوم واضحة وتتلخص في أربع نقاط:
أولًا_ أن الاحتلال فشل وسيفشل في تركيع شعبنا، ولا يمكنه هزيمة شعبنا بأي صورة كانت، ولن يكون بمقدوره تحقيق أي من أهدافه الخبيثة.
ثانيًا_ هذه محطة مهمة على طريق بناء الوطن وتعزيز صموده وإسناده في مواجهة الاحتلال، إذ إن أمثال هؤلاء المتفوقين ساهموا ويساهموا في تطوير أساليب وقدرات المقاومة، بعد أن تخصصوا في مجالات نوعية.
ثالثًا_ أن اشتداد الحصار والإغلاق وتصعيد الاستهداف يزيد شعبنا صمودًا، ويجعله قادرًا على زيادة مستوى التحدي، ويجعله قادرًا على التميز والإبداع، ولن يدفعه ذلك للتراجع والاستسلام بأي صورة.
رابعًا_ أن غزة تحب الحياة، وتسعى إلى أخذ فرصتها على الرغم من شبح الموت الذي يخيم في سمائها بفعل التهديد والتخويف المستمر، وستواصل النضال والكفاح كي تحقق أهدافها وستحافظ على مواقع متقدمة لها في كل ميدان.