بندقيات استخدمت في الهجوم، وأخرى غنمها مقاتلو كتائب القسام من جنود الاحتلال، بزات عسكرية بقيتْ شاهدةً على آثار معركة استثنائية دارت فصولها في 19 يوليو/ تموز 2014، داخل موقع "أبو مطيبق" العسكري شرق محافظة الوسطى، إبان عدوان الـ 51 يومًا على قطاع غزة.
هكذا بدا المشهد داخل معرض نظمته كتائب القسام على مدخل مخيم "المغازي" وسط قطاع غزة أمس، شيدت خلاله نصبًا تذكاريًا يخلد ذكرى العملية التي دارت ملحمتها شرق المخيم، وأوقعت جنود الاحتلال بين قتيل وجريح قبل أن يعود المقاتلون إلى داخل قطاع غزة سيرًا على الأقدام فيما عرف شعبيًا بـ "قزدرة أبو مطيبق".
تسللت الروح البطولية والعزم إلى قلوب الأطفال الصغار في أثناء مشاركتهم في المعرض، حين تقليدهم الهيئة التي عاد بها مقاتلو كتائب القسام بثقة وهدوء إلى أرض غزة بعد نجاحهم في عملية القزدرة البطولية. يتأملون الزي العسكري بكل فخر ويحلمون بأنفسهم ليصبحوا أبطالًا شجعانًا يدافعون عن فلسطين بكل قوة.
وبالقرب منهم، يقف أطفال آخرون يرتدون بزات عسكرية، يستنشقون روح المقاومة ويتخيلون أنفسهم في خطوات البطولة، ومن بينهم طفلا الشهيد حسن الخميسي مسؤول زمرة العمل الهندسي في عملية اقتحام الموقع، حيث كانا يرتديان بزة عسكرية ويحمل كل منهما بندقية، ليؤكدا سيرهما على خطى والدهما الذي زرع بداخلهما حب المقاومة.
في إحدى زوايا المعرض، عرضت كتائب القسام قطعتي سلاح من نوع M16 غنمها مقاتلوها من جنود الاحتلال، البندقية الأولى تحمل الرقم (9411130)، في حين تحمل البندقية الثانية الرقم (9410759).
وفي جانب آخر من المعرض، تجمّع مواطنون حول خارطة تعرض تفاصيل العملية البطولية على الرمل، ليروا بأعينهم مجسمًا لبرج المراقبة والأسلاك الشائكة التي قطعها المقاومون في الاقتحام. يهدف هذا الجانب من المعرض إلى جعل الحضور يشعرون كأنهم يعيشون تلك الأحداث الملحمية التي صدمت جيش الاحتلال وأثبتت عزم وقوة المقاومة.
مشهد آخر يشدّك في المعرض يُظهر جيبًا عسكريًا بابه الخلفي مفتوح، يُحاكي الجيب العسكري الإسرائيلي الذي أطبقت عليه المقاومة. وعلى الأرض، تتمدد جثتا جنديين إسرائيليين، وهما ضابط وجندي من اللواء المدرع "باراك 188"، وقد قتلا على أيدي المقاومين.
تفاصيل مثيرة عن كمين أعده مقاتلو "القسام" في عملية أبو مطيبق
كتائب القسام عرضت العديد من الأسلحة المساندة في المعرض، ومن بين هذه الأسلحة: مدفع هاون عيار 120، ومدفع هاون عيار 80، وراجمة صواريخ 107، وصواريخ قسام بمدى 20 كم، وصاروخ "فونيكس" الموجه، ورشاش ثقيل "دشكة".
وضم المعرض بين جنباته أيضًا معدات حفر وأدوات استخدمها المجاهدون في حفر النفق الذي وصل إلى موقع "أبو مطيبق"، إذ استخدموا براميل مياه زرقاء مقسمة إلى نصفين ومربوطة بحبال من الجانبين لتسهيل جرها داخل النفق على عربة حديدية تجرها سكة حديدية، وبقربها صورة الشهيد محمد محمود التلباني، الذي استشهد في أثناء الإعداد وحفر النفق.
كما عرضت القسام في المعرض العديد من الأسلحة المستخدمة في العملية البطولية، ومن بينها: 11 بندقية من نوع "كلاشنكوف"، وقنابل يدوية، وسلاح متوسط من نوع PKC، وقواذف مضادة للدروع من نوع RPG، وقذائف متنوعة مضادة للدروع والأفراد، عبوات متفجرة وأحزمة C4.
معايشة حية
وتحدثت إسراء جبر عن التنظيم المميز والترتيب الدقيق للمعرض الذي جذب انتباهها. وأشارت إلى المجسم الواقعي الذي عُرض لتفاصيل العملية، ما جعلها تشعر كأنها عايشت الأحداث بنفسها.
كما لفت انتباهها عرض المعدات والأدوات التي استخدمتها المقاومة في العملية البطولية، والتي تجسد قوة واستعداد المقاومة لمواجهة التحديات. ولاحظت أيضًا عرض صور الشهداء وسيرتهم البطولية، ما يعزز من إلهام الحاضرين بشجاعتهم وتضحياتهم في سبيل الأرض والشعب.
تمتزج كلمات إسراء بالفخر وهي تتحدث لصحيفة "فلسطين": "وجودي في هذا المكان لنقل رسالة كتائب القسام والفخر والعزة بأبطال الشعب الفلسطيني ونقل هذه الصور والمشاهد للعالم أننا شعب يصنع المستحيل ليدافع عن حقه".
تأثرت إسراء بكل تفاصيل المعرض، وكأنها كانت تشهد الأحداث وتعايشها حيةً أمام عينيها. شعرت برائحة "العزة والبطولة" تنبعث من بزات الجنود الذين كانوا يحملون رائحة "البلاد المحتلة" وهم ينفذون العملية بجرأة وشجاعة.
قرب التحرير
"تمثل مشاركتي بالمعرض موضع فخر واعتزاز، يعزز التحرير والطموح بقرب التحرير"، كلمات قالها الشاب يوسف عوض وهو يصطحب شقيقه الطفل عبد الله (10 أعوام) إلى المعرض، لفته تفاعل الأطفال والنساء مع الأسلحة المعروضة واندماجهم مع شرح العملية والفيديوهات المعروضة.
أما الشاب محمد عاشور، فشكر قيادة المقاومة لأنها أتاحت له "شرف مشاهدة تفاصيل العملية" واستمرار إعدادها لمواجهة الاحتلال.
وقال بصوت ممزوج بالفخر لصحيفة "فلسطين": "لفتني رغبة الأطفال في التقاط صور مع المقاومين والأسلحة، فهذا يعبر عن حجم التطلع والطموح والتشبه بالمقاومين، فضلًا عن صور الشهداء الأبطال، وفهمت من الشروحات مستوى القدرة والأداء العالي للمقاومين خلال تنفيذ العملية".
وقال المختص في شؤون المقاومة محمد حسونة: إن المقاومة تعد المعرض وكل ما فيه من أدوات قتالية وعسكرية ووسائط للقتال وشرح لمراحل تنفيذ العملية، شكلًا من أشكال تعزيز انتماء المواطنين للمقاومة.
وأوضح حسونة لصحيفة "فلسطين"، أنه عندما يشاهد المواطنون البطولات والتضحيات التي تبديها المقاومة، ينشأ لديهم رغبة قوية في أن يكونوا جزءًا من صفوف المقاومة ليحظوا بالفخر والاعتزاز بالدفاع عن شعبهم وأرضهم.
وأضاف أن المعركة الحديثة تعد الحاضنةَ الشعبيةَ حلقةً مهمةً للتأثير في الخصم، ولذلك، تولي المقاومة اهتمامًا كبيرًا في الحاضنة الشعبية وزيادةً في التواصل والتقارب مع المواطنين.
ورأى أن العتاد العسكري المعروض في المعرض يعكس مستوى التطور العسكري الكبير لكتائب القسام وتنظيمها القتالي، وهو إشارة لتقدمها في مجال السلاح والتجهيزات العسكرية، ويعكس الفهم العالي لطبيعة المعركة وتوقيت استخدام السلاح.
كما أشار إلى أن العتاد يدل على الفكر والفهم العسكري المتقدم للمقاومة، إذ تمتلك القسام قدرةً عاليةً على تحليل الظروف، وإستراتيجية الاستخدام الأمثل للسلاح في مواجهة الاحتلال. ومن خلال تنظيم المعركة بفهم عالٍ جدًا قبل وبعد العملية، تظهر قدرة الكتائب على التطور والتحسين المستمر في بنية العمل القتالي والفهم الإستراتيجي للتحديات التي تواجهها.