قائمة الموقع

"الأديب الصغير".. مشروعٌ إبداعي يفيض حبره على قلم "هديل"

2023-07-20T10:56:00+03:00
الأديب الصغير.. مشروع إبداعي يفيض حبره على قلم هديل

"ها أنت ذا، تجلس مُنزويًا في غرفتك، تحاول أن تضيء عتمتك، تجلس وتحوم بناظريك تتفحص حركاتك الحادة وجروحك النازفة، وكلماتك المتناثرة من غير حول ولا قوة لك لإصلاحها، تحاول كنس التراب الممتزج برائحة الفوضى التي تعتريك وتبعثر أعضاءَك".

في الفقرة الثانية من النص الذي كتبته الطفلة هديل العالول (15 عامًا) تكمل: "هيا قف أيها المقاتل المقدام، يا من شق بنوره عنق الظلام، قف ولا تتوانى عن الانتظار، فلو كان الوصول سهلًا لما وجدت كتب التاريخ تباع بأسعار الخيال، قف فنحن نحيا من العدم".

ففي مشروعٍ يحمل اسم "إعداد الأديب الصغير"، وجدت هديل نفسها تتألق وتحلّق بأفكارها وكتاباتها إضافة إلى صوتها الذي يضفي الحياة على كل نص تقرؤه بحنجرتها.

وتعرف الأديبة الصغيرة نفسها بأنها "وعاء من الأحلام، أرويه بكلمات تطرب الآذان"، مشيرة إلى أنها بدأت الكتابة في عمر العاشرة، إذ دخلت العديد من الدورات في المدرسة، وحالت جائحة "كوفيد-19" دون إتمامها لتلك الدورات.

هذا الصيف رأت هديل إعلانًا لمشروع "الأديب الصغير"، فكانت ضمن 50 موهوبًا اجتازوا المقابلة بنجاح، وعن ذلك تقول: "كانت مهاراتي لا تذكر آنذاك، لكن الآن وبفضل الله باتت نصوصي تنافس من هم أكبر مني سنًا".

ولأن البيئة الأسرية هيَ المسؤول الأول عن تنمية المواهب وتطويرها، تدين هديل بالفضل الكبير لوالدها في تشجيعها ورفع مستوى كتابتها الإبداعية، وتوفير الأجواء الملائمة لكتابة القصص والروايات والنصوص النثرية.

تقول: "كنت أعاني ضعفًا في شخصيتي وثقتي في نفسي، وعدم الانخراط في البيئة الخارجية، لكن الدورات التي حصلت عليها في الأديب الصغير صقلت شخصيتي ودفعتني للخروج إلى الجمهور بمخرجات أثق أنها ستكون الأفضل".

باتت هديل اليوم قادرة على كتابة الشعر الموزون، والمقالات بأنواعها، إضافة إلى النصوص النثرية والقصص وتستعد لإطلاق روايتها التي رفضت الإفصاح عن اسمها حتى ترى النور وتنتهي من كتابتها، طامحةً برفع اسم فلسطين عاليًا في مجالات الكتابة.

تنمية الإبداع

مدربة مهارات الإلقاء في مشروع "الأديب الصغير" لوران الزعيم تقول: "هذا مشروع دبلوم متخصص يهدف إلى تعزيز القدرات اللغوية والكتابة الإبداعية وفن الإلقاء عند الأطفال، بتمويل من الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية بالكويت وتنفيذ مركز الدكتور زهير العلمي التعليمي".

وعن الفكرة تتابع: "فكرته انطلقت من أساس إحياء المورث العربي والثقافي، بهدف غرس القيم الأدبية والثقافية عند الأطفال، وتطوير مواهبهم الإبداعية في الكتابة والإلقاء، وإيجاد مساحة تتيح للطفل التعبير عن ذاته".

مشروع الأديب هو الأول المتخصص في تنمية الإبداع عند الطفل، والمعتمد من وزارة التربية والتعليم، يستهدف فئة الأطفال من عمر 10_16، وينقسم إلى محاور ثلاثة وهي: الكتابة الإبداعية، والإلقاء ومهارات لغة الجسد، واللغة العربية والإعراب.

وتردف الزعيم: "أعلنا عن المشروع من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأُجريت مقابلات لمن سجّل في هذا الإعلان، ووصل عدد المسجلين إلى 200 طفل، واخترنا 50 طفلًا حسب قوة الشخصية، والموهبة في الكتابة، والرغبة الكامنة عند الطفل في الكتابة".

والبرنامج بحد ذاته قصة نجاح بما احتواه عن أطفال موهوبين، ووفق الزعيم، فإن البرنامج خرج بروايات من أطفال لا يتجاوزون الـ15 عامًا، وأشعار رصينة وموزونة على البحور الشعرية.

وتضيف الزعيم: "كسر حاجز الخوف لدى الأطفال كان هدفًا أساسيًا، من خلال دورات لغة الجسد وإيماءات الوجه ومهارات الإلقاء إضافة إلى خرطهم في المجتمع المحلي بالوقوف أمام المسرح والجمهور، وعرضهم على أدباء وكتّاب واستضافتهم في مكتبات كثيرة".

طموح عربي

وعن أبرز الصعوبات التي واجهت المشروع تكمل: "في العدوان الأخير على غزة توقف المشروع لمدة شهر، وبعد عودتنا لاحظنا التعب النفسي عند الأطفال فركّزنا على التفريغ النفسي والأنشطة الترفيهية".

ويطمح طاقم المدربات في المشروع، بتجديده وإحياء الأدب العربي، خصوصًا في قطاع غزة الذي يقاتله الاحتلال فكريًا قبل أن يشن الحروب عليه عسكريًا.

ووجد المشروع إشادة كبيرة من أهالي الأطفال وأولياء الأمور، فوالدة الطفلة هديل تقول، إن المشروع "طور من شخصية ابنتي وكسر حاجز الخوف والخجل عندها، وقوّى في شخصيتها وانتقائها للكلمات".

وتوجه "أم هديل" رسالتها إلى أولياء الأمور بالعمل على تطوير شخصيتهم واكتشاف مواهبهم وتنمية مهاراتهم مؤكدة أن الوالدَين هم القدوة الأولى للطفل فإما أن يزرعوا بذرة الموهبة وإما أن يُطفئوا وهج الإبداع.

اخبار ذات صلة