اعتاد حامد الجرو (60 عامًا) على روتين العلاج المقدم له في "مركز غزة للسرطان" بمدينة غزة، لكونه يعاني مرض السرطان منذ نحو ثلاثة أعوام، لكنّ علاجه تَوقّف قبل ستة أشهر بسبب نقص الأدوية.
وحاول الجرو المصاب بسرطان البنكرياس، أكثر من مرة، شراء الأدوية من مصادر أخرى، لكن دون جدوى؛ لتكلفتها المرتفعة التي لا يستطيع تحمُّلها.
وقال الجرو لصحيفة "فلسطين": "إنّ عدم حصولي على العلاج فاقَم وضعي الصحي وزاد من تفشّي المرض وأدّى لظهور أعراض مرضية جديدة وتراكم السوائل في البطن".
اقرأ أيضًا: "الصحة" بغزة: نقص الأدوية يُهدّد حياة 9 آلاف مريض سرطان
وبيّن أنه خضع قبل عامين ونصف العام إلى عملية جراحية في مستشفى المقاصد بمدينة القدس المحتلة لإزالة كتلة ورمية في منطقة المعدة، في حين تَبقّى الورم في البنكرياس وتَصعب إزالته بسبب تشابكه في الأوعية.
وناشد المؤسسات والمنظمات الصحية والحقوقية والإنسانية لإيجاد آلية لحل معاناة مرضى السرطان في القطاع والوقوف بجانبهم، وتوفير احتياجاتهم من الأدوية بغزة للتخفيف عن معاناتهم خلال التنقل لمستشفيات الضفة الغربية والداخل المحتل لتلقّي العلاج.
نقص العلاج
ولا يختلف الحال كثيرًا عن محمد صوالي (38 عامًا) فهو يعاني مرض السرطان ونقص العلاج في القطاع.
وقال صوالي الذي اكتشف إصابته بسرطان القولون قبل ثلاث سنوات، إنه نظرًا لخطورة وضعه الصحي حصل على تحويلة للعلاج في مستشفى المطلع بمدينة القدس المحتلة، لكن بمجرد أن وصل حاجز بيت حانون (إيرز) في ديسمبر 2021، اعتقله جيش الاحتلال وزجّ به في سجن "عسقلان" دون أيّ ذنب ارتكبه.
قضى صوالي في سجون الاحتلال شهر تقريبًا، وبمجرد أن عاد إلى القطاع تم تحويله للعلاج في المستشفيات المصرية، فخضع لعملية جراحية لاستئصال جزء من القولون وخضع لجلسات علاج كيماوي، في حين استكمل جزءًا منها في القطاع، قبل أن يتوقف عن تلقي المزيد منها بسبب عدم توافرها.
وذكر أنّ تأخُّر علاجه يُفاقم وضعه الصحي، إذ بات يشعر بالألم في منطقة القولون، معربًا عن خشيته من تفشي المرض في جسده؛ لعدم حصوله على الأدوية منذ نحو خمسة أشهر.
معاناة مستمرة
وأكدت وزارة الصحة في قطاع غزة، خلال مؤتمر صحفي عقدته أمس، بشأن نقص الأدوية وتداعياتها على مرضى السرطان، في مستشفى الصداقة التركي الفلسطيني "مركز غزة للسرطان" أنّ نقص الأدوية يهدد حياة أكثر من 9 آلاف مريض سرطان في القطاع، وأنّ 45% من الأدوية اللازمة لمرضى الأورام لم تتوافر خلال الـ6 أشهر الماضية.
وقال المدير العام لمستشفى الصداقة التركي ومركز غزة للسرطان د. صبحي سكيك: إن مرضى السرطان في القطاع، يعانون نقص الإمكانات التشخيصية والعلاجية مع زيادة تسجيل حالات لمرضى السرطان بين سكان القطاع.
وبين سكيك وجود أكثر من 9 آلاف مريض بالسرطان في القطاع، مشيرًا إلى أن نسبة حدوث السرطان هي 93.1% بين كل 100 ألف مواطن، في حين كانت هذه النسبة عام 2000 تبلغ 60%.
وأكد أن مرضى السرطان يعانون نقصًا حادًا في الدواء، وعدم توافر العلاج الإشعاعي، وعدم توافر إمكانات للطب النووي لتشخيص المرضى، وانعدام بعض التحاليل المهمة لتشخيصه، كما يتعرضون لمعاناة شديدة في ملف التحويلات الطبية بسبب رفض سلطات الاحتلال السماح لها بالتوجه للعلاج.
ودعا المدير العام للمستشفى أحرار العالم والجهات المعنية للتدخل العاجل لإنقاذ حياة مرضى السرطان في قطاع غزة.
تفاقم المرض
من جانبه، بين المدير العام للصيدلة بوزارة الصحة د. أشرف أبو مهادي، أن 45% من الأدوية اللازمة لمرضى الأورام لم تتوافر خلال الـ 6 شهور الماضية، "ما أدى لعدم حصول المرضى على البروتوكول العلاجي اللازم لهم".
وأكد أبو مهادي، أهمية الأدوية العلاجية المقدمة للمرضى وخاصة مرضى الأورام، مشيرًا إلى أن النقص الموجود في الدواء يؤثر سلبيا في تقديم الخدمة للمرضى.
وذكر أن "مرضى الأورام يتبعون نظامًا علاجيًا متكاملًا من عدة أدوية تكمل بعضها وعند نقص أحدها لا يكتمل العلاج المطلوب للمريض"، مؤكدًا أن أكثر من نصف المرضى لم يحصلوا على الخدمة العلاجية المتكاملة.
وأشار أبو مهادي إلى أن المنظومة الصحية في القطاع تتعرض لإجهاد كبير في ظل عدم توافر الأدوية، وسعي المرضى المستمر للحصول على العلاج المفقود، دون إيجاد أي حل مناسب.
وطالب المدير العام للصيدلة جميع المؤسسات والشركات والجهات المانحة كافة بتوفير البروتوكول العلاجي اللازم والكافي لمرضى الأورام خاصة، حتى يتم منع تفاقم الحالة الصحية للمرضى وحصول انتكاسة لهم.
بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الصحة د. أشرف القدرة، خلال المؤتمر: "إن أكثر من 40% من التحويلات العلاجية التي تمنح لمرضى السرطان يقوم الاحتلال برفضها، ما يضاعف آلام المرضى ويتسبب بوفاة عدد منهم".
وأشار القدرة، إلى أن الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع للعام الـ 17 على التوالي يستهدف تقويض منظومة الخدمات الصحية والإنسانية في غزة، الذي تسبب بوفاة عدد من المرضى من جراء نقص الأدوية، وإجراءات الحصار الظالمة.