أثار قرار اللجان الشعبية في المخيمات التابعة للسلطة في رام الله منع قناة الجزيرة ومراسليها من دخول المخيمات الفلسطينية بالضفة الغربية انتقادات من إعلاميين ونشطاء.
ورأى الإعلاميون والنشطاء في القرار خطوة عقابية تستهدف عقاب القناة ومراسليها على تقاريرهم التي لم تحظَ بترحيب من دوائر صنع القرار في السلطة.
وكانت السلطة قد اتهمت الجزيرة "بتجاوز" قواعد العمل المهني خلال تغطيتها العدوان الإسرائيلي على مدينة جنين ومخيمها، وهددت باتخاذ "إجراءات" ضد الشبكة الإخبارية.
في حين ردت قناة الجزيرة على رسالة احتجاج أرسلتها وزارة الإعلام في السلطة، بتوقيع الناطق باسم رئاسة السلطة نبيل أبو ردينة، بالتأكيد أن الرسالة غير واضحة ولا تشمل حادثة محددة تستدعي مراجعةً وتقييمًا.
قرار خطأ
ويرى مدير شبكة إخباريات للإعلام الإلكتروني، رومل السويطي، أن قرار اللجان الشعبية في المخيمات منع قناة الجزيرة ومقاطعتها نهائيًا قرار خطأ قد يضر بسمعة الشعب والمخيمات عموماً، خاصة فيما يتعلق بحقوق الصحافة وحرية التعبير.
ويؤكد السويطي أن تيسير عمل الإعلاميين وتمكينهم من الوصول إلى المخيمات يسهمان في توثيق ونقل الحقائق وتسليط الضوء على القضايا المهمة.
ويشدد على أنه كان من المناسب أن يتم منع الصحفيين الإسرائيليين من دخول المناطق الفلسطينية بشكل عام. كما يشدد على أن هذا القرار الغريب سيحرم المخيمات من التغطية الإعلامية المتميزة التي تساهم في نقل صوت المخيمات وتوثيق الاعتداءات الاحتلالية الدموية التي يتعرضون لها بشكل مستمر.
وبالنسبة للتأثير السلبي المحتمل في الحكومة والسلطة واللجان الشعبية نفسها، يعتقد السويطي أن هذا القرار قد يشير إلى توجيهه من السلطة بهدف تفادي أي إحراج، خاصة أمام الحكومة القطرية.
ويعبر السويطي عن أمله في أن تعيد الجهات الفلسطينية ذات العلاقة، بما في ذلك اللجان الشعبية في المخيمات، مراجعة هذا القرار وأن يستبدلوه بالحوار مع إدارة الجزيرة بدلاً من منع مراسليها.
من جهته، يؤكد الإعلامي والكاتب نواف العامر أن وسائل الإعلام المحلية والعربية كانت داعمة قوية لقضية اللاجئين الفلسطينيين والدفاع عن حقوقهم كجزء من نكبتهم. وأشار إلى أن التغطية الإعلامية لهذه القضية كانت تختلف في درجة الاهتمام وفقًا لقربها من حقوق الفلسطينيين في التحرر.
ويضيف: "قناة الجزيرة تعد رافعة للقضية الفلسطينية منذ تأسيسها، وسعت جاهدة لتسليط الضوء على تفاصيلها ومفاصلها، وتمكنت من الوقوف في منتصف الطريق بين القوى والمشاريع السياسية بطريقة تؤثر وتجعل القوى ترى وجهات النظر المختلفة".
ويؤكد العامر لصحيفة "فلسطين"، أن قناة الجزيرة حافظت على مهنية عالية وموضوعية في تحريرها، ما مكّنها من أن تكون الصوت الأول للعرب والفلسطينيين. وأضاف: "بعد كل ذلك، فإن اتهام وسائل الإعلام بالانحياز والتجني عليها بناءً على خلفيات الأشخاص الموجودين على شاشتها غير صحيح".
ويشير إلى أنه خلال تغطية الأحداث الأخيرة، لاحظ أن القناة تجنبت استضافة شخصيات احتلالية وركزت على تمثيل شخصيات فلسطينية متنوعة بمختلف المشارب، وهذا يعد إيجابية تسجل لصالحها.
واعتقد أن الأمر المطلوب هو وقف سياسات السماح بتغطية وسائل الإعلام الاحتلالية للقضايا الخلافية في المخيمات ورفض مقابلتها، لأنها وسائل تمثل الاحتلال وتساهم في إشعال الصراع وتثير الفتنة".
نتائج مغايرة
ويرى الإعلامي والمتابع للشأن الإسرائيلي محمد أبو علان أن قناة الجزيرة هي الأفضل في تغطية الأحداث في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأشار إلى تضحية المراسلة شيرين أبو عاقلة التي استشهدت في أثناء محاولتها نقل صورة العدوان على المخيم.
ويؤكد أن تغطية قناة الجزيرة هي الأفضل والأسرع حتى في مقارنة بالإعلام المحلي، وذلك بفضل القدرات المادية واللوجستية التي تتمتع بها القناة. كما أشار إلى أن الجزيرة تتابعها جماهير واسعة محليًا وعربيًا حتى من غير المتفقين معها في السياسة التحريرية.
وأكمل بالقول إنه على الرغم من اختلاف وجهات النظر مع قناة الجزيرة وسياستها التحريرية، يمكن التواصل مع إدارتها في فلسطين وخارجها والتفاهم في حالة وجود تباينات. واختتم بأنه من الضروري إعادة التفكير في قرار منع قناة الجزيرة من دخول المخيمات وإجراء مراجعة جديدة للوضع.
وفي منشور على صفحته في فيسبوك، رفع الإعلامي والمراسل الصحفي جهاد بركات سؤالًا قائلاً: "هل إذا قامت السلطة بإغلاق مكاتب الجزيرة في الضفة ستصبح الأمور على ما يرام؟".
ويضيف: "في حال تنفيذ القرار ستكون النتيجة مغايرة تمامًا، وستكون النتائج عكسية وسينقلب السحر على الساحر".
ويتساءل بركات عن فاعلية وجدوى إغلاق مكاتب الجزيرة في الضفة الغربية من قبل السلطة، وإشارته إلى أنه في حال تم تنفيذ هذا القرار، فإن النتائج قد تكون عكسية وقد يتحول الضغط المفروض على الجزيرة إلى ضغط على السلطة نفسها.