تنهمك الفتاة منى الكيلاني في تحضير "العجوة" لإعداد الكعك الذي سيتم تسويقه لمصلحة "تعاونية بنت الريف"، حيث تحصل على مردود مالي يُمكنها من تلبية احتياجاتها بكونها فتاة ومساعدة أسرتها في بعض احتياجاتها في ظل صعوبة توفير أهلها لكل متطلباتها بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها قطاع غزة.
عمل متقطع
والكيلاني "18 عاماً" تعمل بشكل متقطع مع "التعاونية" في مواسم الأعياد أو بعض الأوقات التي يتم فيها تخزين بعض المحاصيل كـ“الذرة"، بحيث لا يتعارض الأمر مع دراستها حيث تقدمت هذا العام لامتحانات الثانوية العامة.
وفي الوقت الذي تكون فيه "التعاونية" بصدد تحضير "كميات كبيرة" من الكعك أو المفتول أو غيره من المنتجات الغذائية يتم الاتصال بـ “منى" التي تجيد صناعة الكثير من الأكلات لكونها تساعد أمها في المنزل.
وتشعر الكيلاني بالسعادة حين حصولها على مبلغٍ من المال بتعبها وجهدها يمكنها من خلاله أنْ توفر بعض مستلزماتها الشخصية والملابس التي تريدها، والتي يصعب على عائلتها توفيرها لها في ظل صعوبة الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة.
أما تغريد أبو درابي فتجد في العمل في "التعاونية" فرصةً تنشلها وأسرتها ولو بشكل مؤقت من واقع البطالة المرير الذي يعانيه القطاع، فهي رغم كونها خريجة جامعية فإنها لم تحصل حتى اللحظة على أي فرصة عمل في مجال تخصصها.
انتشار البطالة
ولا تقف صعوبة الأوضاع المعيشية عند هذا الحد، فمعاناة زوجها من إعاقة حركية تجعل من حصوله على فرصة عمل أمراً بالغ الصعوبة، ما جعلها تبحث عن فرص عمل بديلة في مجالٍ تتقنه، إلى أن لاحت لها الفرصة في مجال تصنيع المواد الغذائية من خلال "تعاونية بنت الريف".
وتعمل أبو درابي لقاء أجر مستقطع مع التعاونية في مواسم الأعياد ورمضان وغيرها من مواسم تخزين الخضراوات، ما يدر دخلاً عليها يمكنها من تدبر بعضٍ من أمور أسرتها دون الحاجة لسؤال الآخرين.
و"التعاونيات" عادةً تتكون من مجموعة أفراد يتشاركون لتحقيق هدف واحد، وهنا تدفع كل سيدة مبلغًا من المال نظير أن تصبح جزءًا من المشروع الذي سيتم العمل عليه.
رئيسة مجلس إدارة "تعاونية بنت الريف" خديجة الكيلاني تبين لـ “فلسطين" أنها تأسست عام 2017م بمنحة من إحدى المؤسسات التنموية ومساهمات مالية ذاتية من العضوات، وكانت البداية تقوم على صناعة مواد غذائية كالمعجنات و"المفتول" بأيدٍ نسائية.
وتستدرك بالقول:" لكن شيئاً فشيئاً أصبح لدينا نشاطات أخرى من التشبيك مع المؤسسات الأخرى والمشاركة في الأنشطة الخاصة بالمجتمع المحلي كالندوات والمعارض وغيرها".
ولكن الأساس في عمل "التعاونية" يقوم على تمكين النساء المعيلات أولاً اللاتي لديهن مشاريع زراعية خاصة بهن من خلال فتح منافذ تسويق لهن حيث يتم شراء المحاصيل منهن كالزعتر والفراولة لصنع المواد الغذائية أو من خلال الترويج لمنتجاتهن في المجتمع المحلي.
أما ثانياً، فتقوم "التعاونية" بتشغيل نساء عاطلات عن العمل في صنع مواد غذائية يتم الترويج لها عبر صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي أو من خلال المؤسسات الشريكة، "والعمل يكون بنظام اليومية أو "المقاولة" فمثلاً يطلب شخص أو مؤسسة "طلبية مفتول" مقدارها 250 كيلو دقيق نتواصل مع أربع نساء على الأقل لإنجازه"، تقول الكيلاني.
وتضيف:" فتأخذ كل سيدة عشرين شيكل مثلاً على كل كيس دقيق تنجزه، وهكذا فالعمل لدينا ليس بشكل يومي ولكن هو وفق "الطلبيات" والمواسم حيث نصنع "الدقة" والزعتر" والمربى وكل الأشياء التي يمكن صناعتها من المزروعات التي تنمو لدينا في "بيت لاهيا"".
مردود مالي
في حين تستفيد نساء أخريات لديهن "أسهم" في التعاونية من مردود مالي من أرباح مشاريعها في نهاية العام، "فالفائدة تعم على نساء كثيرات سواء اللاتي لديهن أسهم أو من ندعم مشاريعهن أو يعملن معنا في تحضير الأغذية".
وتعمل "التعاونية" على تنمية مهارات النساء العاملات فيها من خلال دورات تدريبية، "كنا المؤسسة الأولى في منطقة بيت لاهيا، أما اليوم فالمنافسة شديدة فهناك عدة مؤسسات تعمل في المجال ذاته بجانب أن هناك نساء يعملن في إنتاج الأغذية وتسويقها بشكل شخصي في بيوتهن، ما يفرض علينا التطوير المستمر لمنتجاتنا حتى نحافظ على وجودنا في السوق المحلي".
وتلفت إلى أن "التعاونيات" في قطاع غزة تواجه العديد من المعوقات، أبرزها الوضع الاقتصادي للناس، ما يجعل الإقبال يتذبذب في كثير من الأحيان، خاصة في أوقات تأخر الرواتب، إلى جانب تأثير التغيّر المناخي الذي انعكس سلبيًا على المنتجات الزراعية التي تعدّ مصدر دخل مهم لهن.