يحلم الشعب الفلسطيني بنجاح المصالحة، وهذه أمنية كل منتمٍ لهذا الوطن، ولكن الأماني لا تحول دون قراءة ثلاثة سيناريوهات يمكن تقديرها بشأن المصالحة الفلسطينية:
السيناريو الأول: أن تتجلى الإرادة الفلسطينية المحضة في المصالحة، وتتحمل حكومة التوافق مسؤولياتها الكاملة عن قطاع غزة لفترة انتقالية، يلتئم خلالها شمل الفصائل الفلسطينية في القاهرة، ليتوافق الجميع على عقد الإطار القيادي للمنظمة، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، من مهماتها تحديد موعد لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والإشراف عليها، وذلك انسجاماً مع تفاهمات المصالحة الأخيرة في القاهرة، وانسجاماً مع توصيات اللجنة التحضيرية.
هذا السيناريو السهل لتحقيق المصالحة لا ترضى عنه (إسرائيل)، التي لا تريد تواصلا جغرافياً بين غزة والضفة الغربية، وهي التي لا تريد وحدة القضية الفلسطينية السياسية، لذلك ستحرص (إسرائيل) على إفشال هذا السيناريو بكل السبل، وستوظف جهدها في ذلك؟
السيناريو الثاني: أن تتلكأ حكومة التوافق في القيام بواجباتها تجاه أهل غزة، وأن يقيم وزراؤها في أحد الفنادق بدلاً من دخول الوزارات، وأن تفتش الحكومة عن ذرائع لعدم تحمل المسؤولية، كأن تضع مزيداً من الشروط التعجيزية على تواجد بعض وزرائها على رأس أعمالهم، وأن يتأخر قرار إعادة الكهرباء إلى غزة، وإعادة الرواتب المقطوعة، وأن لا يشهد المواطن في قطاع غزة أي تحسن على أحواله المعيشية، وفي هذه الحالة سيمل أهل غزة الانتظار، وسيفتشون عن حلول لمشاكلهم الحياتية عن طريق مصر، بصفتها الضامن لتطبيق التفاهمات، وهنا ستجد مصر نفسها ملزمة بفتح المعبر، وتسهيل التبادل التجاري مع سكان قطاع غزة.
هذا السيناريو سيجعل حبل النجاة المصري من ضائقة غزة هو ذاته مشنقة الفصل السياسي بين غزة والضفة الغربية، وهذا ما تسعى إليه (إسرائيل)، وما خططت له منذ سنوات.
السيناريو الثالث والأخير، وهو سيناريو فصائل المقاومة، والتي تراقب خطوات المصالحة بحذر وانتباه، وهي لن تقف موقف المتفرج من مواصلة حصار غزة، وقد تلجأ إلى قلب الطاولة، وتغيير المعادلة، وقذف الكرة الملتهبة في الملعب الإسرائيلي مباشرة، ليكتوي الجميع بنيران غزة، ورغم خطورة هذا السيناريو، إلا أنه سيخلق حقائق ميدانية جديدة، ستسهم في تنظيم الصفوف الفلسطينية على إيقاع المقاومة، وستؤسس لمرحلة جديدة من الصراع العربي الإسرائيلي.
حتى هذه اللحظة فإن الأمل بنجاح سيناريو المصالحة هو سيد الموقف، ولا تزال الفرصة قائمة لتوحيد الصفوف، واضطلاع حكومة الوفاق بواجباتها تجاه سكان غزة، ولاسيما بعد اعتراف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار بأن حركة حماس هي التي بادرت، وهي التي طالبت مصر بوضع ثقلها الوطني والقومي لتحقيق المصالحة الفلسطينية.