قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، في تحقيق استقصائي، استنادًا إلى صور أقمار اصطناعية ووثائق وشهود عيان وإشارات لاسلكية، إنه كان يمكن تفادي حجم الوفيات في قارب المهاجرين "أدريانا" الذي غرق قبالة السواحل اليونانية الشهر الماضي.
وانقلب قارب الصيد "أدريانا" وغرق على بعد 47 ميلًا إلى الجنوب الغربي من بيلوس في شبه جزيرة بيلوبونيز (جنوبي اليونان)، في المياه الدولية التي تقع ضمن اختصاص سلطة البحث والإنقاذ في اليونان، وكان يقلّ ما بين 400 و750 مهاجرًا، معظمهم من سوريا ومصر وباكستان، ونجا منهم 104 فقط، وفقًا لبيانات الأمم المتحدة.
وذكرت الصحيفة أنّ الحكومة اليونانية لم تتعامل مع القارب بوصفه عملية إنقاذ، وأرسلت فريقًا من وحدة العمليات الخاصة لخفر السواحل للتعامل مع القارب.
وأضافت أنّ قبطان خفر السواحل اليوناني أعطى السلطات قرصًا مضغوطًا يحتوي على تسجيلات فيديو للقارب.
بدوره، قال المتحدث باسم وكالة الحدود التابعة للاتحاد الأوروبي: إنّ قيادة الوكالة كانت على علم بوضع القارب، وإنها أرسلت طلب مساعدة إلى إيطاليا قبل ساعات من غرقه.
شهادات الناجين
وكان ناجون من كارثة غرق القارب أدلوا بشهاداتهم لرويترز، واتهموا صراحة خفر السواحل اليوناني بالتسبب في انقلاب قاربهم بعد محاولة فاشلة لسحب القارب المكدس بحمولة زائدة، مما أدى إلى انقلابه في الساعات الأولى من 14 يونيو/حزيران الماضي.
ووفقًا للأدلة التي اطّلعت عليها رويترز، ورد الحديث عن محاولة كارثية من خفر السواحل لسحب القارب في 6 من أصل 9 إفادات لناجين قدّموها لمسؤولين في القضاء اليوناني يحققون في أسباب المأساة.
وقال أحد الناجين السوريين إنه ومهاجرين آخرين على متن القارب "أدريانا" الذي تعطّل في طريقه إلى إيطاليا صرخوا قائلين "توقفوا!" بعد أن ربط قارب خفر السواحل اليوناني حبلًا بقارب المهاجرين وبدأ قطره مع زيادة السرعة.
وأضاف أنّ قارب المهاجرين أخذ يميل يمينًا ويسارًا ثم انقلب.
وتتعارض أقوال الشهود الستة مع التصريحات العلنية لخفر السواحل والحكومة في اليونان اللذين نفيا أيّ محاولة لسحب القارب، وقالا إنه انقلب عندما كان خفر السواحل يبعد عنه بنحو 70 مترًا.
وفي مقابلة أخرى أجرتها رويترز على نحو منفصل، روى ناجيان آخران واقعة قطر القارب وطلبا عدم نشر اسميهما خوفًا من انتقام السلطات اليونانية. ووصف أحدهما -الذي عرف نفسه باسم محمد- اللحظات المرعبة عندما انقلب القارب، وقال إنّ هذا حدث عندما بدأ خفر السواحل سحب القارب.
وأضاف "سحبونا بسرعة وانقلب القارب. تأرجح يمينًا ويسارًا وانقلب. وبدأ الناس يسقطون فوق بعضهم… وكانوا يصرخون، ويُغرقون بعضهم البعض. وقع ذلك في الليل وكانت هناك أمواج؛ كان الأمر مرعبًا".
وبعد يوم واحد، عدّل خفر السواحل تصريحاته، وقال إنّ قاربه ربط حبلًا بقارب المهاجرين لمساعدته على الاقتراب كي يتواصلوا معه. ونفى أنه حاول في وقت لاحق قطر القارب قائلًا إنه أبقى على مسافة بينهما.