فلسطين أون لاين

عائلات الجنود الأسرى تواصل الضغط على نتنياهو

تواصل حكومة الاحتلال تبني رواية ثابتة لا تتغير بشأن جنودها الأسرى في غزة، على الرغم من الإشارات المتعددة التي أطلقتها المقاومة، التي تؤكد كذب رواية الاحتلال، إلا أن هذه الحكومة غير معنية بالتعاطي مع أي مستجدات بشأن مصير الجنود؛ لأن تبني أي رواية جديدة سيفرض عليها استحقاقات كبيرة وسيزيد من حجم الضغط الداخلي، لذلك تحرص على عد الجنود الأسرى قتلى، وتتحدث في مناسبات مختلفة عن عودة جثث الجنود من غزة، لكن عائلات الجنود الأسرى والمجتمع الإسرائيلي أيضا لا تؤمن بهذه الرواية وتدرك أن ما كشفت عنه القسام حول الجنود في مناسبات متعددة صحيح وغير قابل للتشكيك، وأن حكومتهم تواصل تقديم الأكاذيب للجمهور ولعائلات الجنود.

هذا بدوره جعل عائلات الجنود الأسرى في حالة غضب شديد من سياسة الحكومة غير المسؤولة في التعاطي مع هذا الملف، ودفعهم لتوجيه انتقادات متواصلة، وأكثر من ذلك في تنظيم وقفات احتجاج مختلفة، واستغلال مناسبات سياسية متعددة للحديث خلالها عن ملف الجنود الأسرى؛ وذلك لممارسة ضغوط إضافية على الحكومة كي تغير من سياساتها تجاه هذا الملف وتتخذ خطوات جدية لإعادة الجنود الأسرى، وذلك بعد مرور سنوات على أسر الجنود دون أن يحدث أي تقدم في الملف نتيجة مماطلة حكومة الاحتلال وعدم استعدادها لتحريك هذا الملف بصورة حقيقية وفق الاستحقاقات المطلوبة.

وقد جاءت مماطلة الاحتلال في إنجاز ملف الجنود الأسرى خلال السنوات الماضية نتيجة عدة اعتبارات من أبرزها:

أولا: عدم استعداده لدفع ثمن الإفراج عن الجنود الأسرى بأي صورة، ورغبة الاحتلال في إنجاز الملف بطرق أخرى تكون خلالها حكومة الاحتلال غير ملزمة بالرضوخ لشروط المقاومة.

ثانيا: قناعة الاحتلال بأن الجهود الأمنية والاستخبارية يمكن أن تقود لمعرفة مصير الجنود.

ثالثا: خشية الاحتلال من أن تؤدي أي صفقة جديدة مع المقاومة إلى تحفيز المقاومة في غزة لتكرار سيناريو الأسر مرة أخرى؛ لأن صفقة (وفاء الأحرار) كانت من أهم وأبرز الدوافع وفق اعتقادهم لتنفيذ عمليات أسر جديدة.

لكن في الحقيقة أثبتت التجربة أن المقاومة نجحت في الحرب الأمنية مع الاحتلال على الرغم من فارق القوة والإمكانات، وسقطت رهانات الاحتلال واصطدمت بجدار الفشل بعد سنوات من البحث التي سخرت لها أحدث وأهم الوسائل والأجهزة والأدوات عالميا، وفي النهاية خرج الاحتلال "بنتائج صفرية"، واستطاع القسام تسجيل انتصار ساحق في هذا السياق، في ظل نجاحه في إخفاء الجنود الأسرى، وقدرته على التغلب على الهجمات الأمنية والاستخبارية، وعمليات البحث المستمرة والمتواصلة، إذ إن كل ساعة تمر دون أن يحصل الاحتلال على معلومات حول جنوده هي إنجاز كبير ونصر حقيقي للمقاومة، ونحن لا نتحدث هنا عن ساعات، أو أيام، أو أشهر، أو أسابيع، بل سنوات؛ وهذا يعني أن كتائب القسام تمتلك قدرات أمنية (فنية وبشرية) مكنتها من تسجيل هذا التفوق في مواجهة العدو. 

ومن جانب آخر فإن الاحتجاجات ما زالت مستمرة وتتصاعد مع مرور الوقت في وجه رئيس وزراء حكومة الاحتلال بعد شعور عائلات الجنود الأسرى (باليأس والإحباط) بعد مرور سنوات على وعود فارغة تقدمها حكومات الاحتلال المتعاقبة، وقد وبخت مؤخرا شقيقة أحد الجنود الأسرى نتنياهو واتهمته بالتخلي عن الجنود والتقاعس عن إعادتهم إلى بيوتهم.

جاء ذلك في ختام مراسم تأبين القتلى الإسرائيليين الذين سقطوا في عملية ما تسمى "الجرف الصامد"، التي شنها جيش الاحتلال على قطاع غزة عام 2014، إذ إنه لدى مغادرة رئيس وزراء الاحتلال القاعة انفجرت (أييليت غولدين) في وجهه واتهمته بالمسؤولية عن عدم إعادة شقيقها من غزة، وقالت غولدين التي صعدت على أحد المقاعد وسط القاعة مخاطبة نتنياهو: "لقد تخليت عنهم مدة تسع سنوات، أنت مذنب".