مع حلول ساعات المساء تبدأ الأم بممارسة محاولات عدة لإقناع طفلها بالخلود إلى النوم، خاصة أنه في "النوم صحة" كما يقول الكبار، أو لترتاح من طلباته، ولكن بعض الأطفال يرفضون الانصياع لتلك الأوامر لاندماجهم في اللعب، أو لعدم شعورهم بالنعاس.. فهل يجب على الأم أن تجبر طفلها على النوم أم تتركه لراحته؟، هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:
فقال الأخصائي التربوي والنفسي إسماعيل أبو ركاب: "باعتقادي أن هذا الأمر مرتبط بالكثير من المتغيرات، والتي منها طبيعة النظام المتبع في المنزل والخاص بالنوم هل توجد ساعة محددة يلتزم بها الجميع، وهل نوم الطفل طبيعي وفي وقته المحدد، وهل عمر الطفل يسمح له بالسهر وعدم النوم مبكرًا، إلى جانب معرفة الوضع الصحي للطفل وفي حال وجود مشاكل عضوية".
وأوضح أن كل تلك الاستفسارات هي التي تحدد هل يجب اجبار الطفل على النوم، فإذا كانت الأسرة ليس لها نظام موحد للنوم، فإنه يجب اجبار الطفل على النوم لأيام تتجاوز الأسبوع حتى تتأقلم الساعة البيولوجية، أما إذا كان الطفل ينام بشكل طبيعي وواجهته مشكلة في النوم فلا يتم اجباره، بل يجب معرفة السبب هل هو الخوف من الظلام، أم حدثت صدمة معينة، أو مشاكل في المدرسة، أو لفقده الأمان في البيت.
وأشار أبو ركاب إلى أن النوم أصبح جزء من المشكلة عند الطفل، واجباره على النوم في تلك اللحظة يزيد الأمور تعقيدًا، مبينًا أن الطفل قبل التحاقه بالمدرسة تكون لديه طاقة إضافية فهو قليل النوم، وإجباره على ذلك في وقت مبكر قد يسبب مشكلة، فيتم تدريبهم بالتدريج على النوم المبكر، أما الطفل في مرحلة المدرسة فيجب إجباره على النوم لأن عدم التزامه في مواعيد نومه ستؤثر على جميع مناحي الحياة والتي منها سوء التحصيل الدراسي وعدم التركيز.
وأرجع سبب تهرب الطفل من النوم عدم وجود نظام موحد للنوم تتبعه الأسرة، أو بسبب مشاكل متعلقة بشخصيته كالانطوائية، والانسحابية، أو مشاكل أسرية أو مدرسية، فتزيد من التوتر، وبالتالي تقلل فرصة حصوله على الراحة الكافية، أو نتيجة تعرضه لصدمات نفسية، أو بسبب مشاكل عضوية كفقر الدم، واختلال في الغدة الدرقية وغيرها من المشاكل التي لها تأثير كبيرة في عدم تحكم الطفل في طبيعة نومه.
ونصح أبو ركاب الآباء التدرج في تدريب أطفالهم على النوم في ساعات معينة، على أن يلتزم الأبوين في ذلك الموعد، وسيقاوم الطفل في البداية، لكنه يتعود مع التكرار لأكثر من يوم، كما وينصح الآباء في بداية التدريب أن يجلسوا بجانب فراش الطفل ليشعروه بالأمان، ومن ثم المغادر متى ما ينام الطفل، ولفت إلى خطورة أن ينام الطفل على فراش الأبوين ومن ثم يتم نقله إلى فراشه، لأن ذلك يعقد الأمور ويزيد من توحد الطفل مع الأبوين.
وختم حديثه: "فالنوم لا يحتاج إلى إقناع، بل يحتاج إلى جو آمن مهيأ يشعر فيه الطفل أنه قد حان الوقت المحدد للنوم، وبالتالي يصبح النوم عادة وجزء من شخصيته".