قائمة الموقع

الأسير سلامة.. أوجاعٌ تغزو جسده في ظل إهمال طبي متعمد

2023-06-23T08:49:00+03:00
فلسطين أون لاين

"أن يفتح مهند الباب ويرتمي في حضنها ليبرد نار الشوق التي تشتعل في نفسها" هو أقصى ما تتمناه الحاجة زينب سلامة، فقد طال انتظار تلك اللحظات سبعة عشر عامًا عدّتها يومًا بيوم ولحظة بلحظة، وهي تتمنى أنْ يسعفها العمر حتى تمضيَ ثمانيَ سنواتٍ أخرى أو أنْ يُكسر قيد السجن عنوةً بإرادة الله لتحظى بقضاء بعضٍ من الوقت معه وتقوم بتزويجه.

نار قلبها

ولا ترى سلامة أن الزيارة التي تقوم بها مرةً واحدةً كل شهر لابنها في سجون الاحتلال يمكن أن "تبرد نار قلبها"، فهو لا يفصح عن شيء مما يعانيه ويكتفي بطمأنتها عن أحواله التي تشي بعكس ما يقوله.

لذلك فإن أقصى ما تريده أن تفرج عنه قوات الاحتلال لتهتم هي وشقيقه وشقيقاته بصحته، ويعالجوه في أفضل المراكز الصحية، وصولًا لتحقيق الحلم الكبير الذي انتظرته سنواتٍ طوال بتزويجه ورؤية أبنائه.

وكغيرها من أمهات الأسرى لم يعرف قلب الحاجة سلامة للفرح طريقًا منذ أن أودعت قوات الاحتلال نجلها مهند في 11 نوفمبر 2006 زنازينها وحكمت عليه بالسجن المؤبد 25 عامًا، فكل المناسبات المفرحة ظلت منقوصة طالما غاب عنها "مهند".

تقول: "زوّجتُ شقيقاته الأربع وشقيقه محمد ولم أستطع الفرح كأي أم، فغصة غياب مهند نغصت عليّ فرحتي، فكيف أفرح والسجن يلتهم سنوات شباب ابني دون رحمة، والآلام تغزو جسده دون أن تسمح سلطات الاحتلال له بتلقي العلاج المناسب".

حرموه الدراسة الجامعية

الأسير سلامة من بلدة برقين في محافظة جنين، ولد وتربى في بغداد التي قضت فيها عائلته سنوات طويلة حيث كان والده أحد أعضاء "منظمة التحرير الفلسطينية" وعاد إلى جنين مع إقامة السلطة الفلسطينية عام 1994م".

أكمل "مهند" تعليمه في جنين حتى حصل على شهادة الثانوية العامة، ولم يكد يفرح بنجاحه حتى اعتقله الاحتلال الإسرائيلي على حاجز "زعترة" وانقطعت أخباره عنا لمدة شهريْن كاملين تعرض خلالهما للتعذيب لانتزاع اعترافات منه".

وتتابع: "حرموه فرحة الالتحاق بالجامعة، إذ كان يطمح لإكمال مسيرته التعليمية، وزعموا أنه كان يجهز استشهاديًا، وأوقعوا بحقه حكمًا كبيرًا بالسجن 25 عامًا"، مشيرة إلى أن ابنها لم يُعتقل قبل هذه المرة أبدًا؛ ما يُكذب رواية الاحتلال بحقه.

فلو أن مهند كان مطلوبًا أو يعمل في المقاومة –وفق والدته- لما توجه إلى رام الله عبر حواجز الاحتلال كأي إنسان عادي، لكن الاحتلال المجرم لا يحتاج لأي مبررات للتنكيل بالفلسطينيين واعتقالهم.

ومنذ ذلك الوقت بدأت معاناة "مهند" مع الاعتقال، إذ يتعرض كغيره من المعتقلين الفلسطينيين للعزل المتكرر والإهمال الطبي والظروف المعيشية الصعبة التي تأخذ من عمر وصحة كل أسير.

ولم تكن هناك لحظة أصعب بالنسبة لـ"أم محمد" من لحظة معرفتها حكم ابنها الطويل، وتضاعف خوفها بعد أن توفي زوجها قبل عامين دون أن تتحقق أمنيته باحتضان "مهند" حرًّا.

وتضيف: "لم يكن لزوجي أمنية سوى رؤية مهند حرًّا وتزويجه، لكنه توفي دون تحقيق هذا الحلم، وقد أوصانا بأنْ لا نقصر مع مهند أبدًا إذا قُدّر لنا أن نشهد حريته".

وما يزيد قلق الحاجة سلامة أن العزل المتكرر والإهمال الطبي بجانب خوضه لإضراب عن الطعام في عام 2013، كل ذلك جعل مهند يعاني ألمًا مستمرًا في قدمه ويديه، وقابل الاحتلال أوجاعه بـ "الإهمال الطبي" ورفض تعريضه لفحوصات طبية، حتى أصيب بمضاعفات ونوبات وجع مستمرة وحتى اليوم لم يعرف سبب هذه الآلام".

وتشير إلى أن ابنها قدم طلبات عدة للتعرض للفحص الطبي لكن إدارة السجن ما تزال تتعنت في ذلك وترفض إجراء الفحوصات، ولا تعطيه شيئًا سوى "حبة الأكامول".

وهذا التعنت الإسرائيلي حال دون قدرة مهند على إكمال دراسته الجامعية في تخصص العلوم السياسية، "كلما زرناه يطمئننا عن صحته، أعرف أنه لا يريد أن أشعر بالقلق، لكوني أتكبد مشاق الزيارة بالرغم من مرضي، لكن هيئته وملامحه تشيان بمعاناته".

اخبار ذات صلة