فلسطين أون لاين

ألفاظ كفرية متداولة.. تبصرة وتحذير شرعي

...
إحسان عاشور

يسأل سائل/ نسمعُ بعضَ الناس يُرَدِّدون ألفاظًا وعبارات باللهجة الغَزِّيَّة؛ مثل: (جَنـَّنِتْ الله تاعي) ـ (خود رَبِّ الكرسي غاد) ـ (يا الله على ربَّك) ـ (إيش بِدَّك في ربِّ الولد) ـ (سِيْب ربِّ إللي خَلَقو) ـ (بَهدَلِتْ الله إللي خَلَقني) ـ (يا الله على مُحمَّد تاعَك) ـ (حِلّ عن إللي خلق الله تاعي) ـ (حِلّ عن ديني، أو عن رَبِّي) ـ (زهقان ديني، أو رَبِّي) ـ (لَو يِنْزِلْ الله مِنِ السَّما، أو ييجي مُحَمَّد ما باعطيك)، أو يَسُبُّ الْمِلَّةَ، أو الْمَذْهَبَ، أو اليومَ، وغيرَ ذلك كثيـر؛ فما حُكْمُ قائِلِ هذه العِبَارات؟

الجواب / الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:

فإنَّ الْجوابَ عن ذلك يَنتظِمُ في أربعة بنود:

أولًا/ إنَّ مقتضى الإيـمان بالله عز وجل ألا يَصدُرَ عن الْمسلم مـا يُنَافي إيْمانـَهُ؛ اعتقـادًا، أو قولًا، أو فعلًا، سواءً كان جادَّاً في ذلك، أو كان هازلًا، أو لاعِبًا، أو مُستهتِرًا؛ فإنْ حصل من مُسلِمٍ شيءٌ من ذلك كان رِدَّةً وكُفرًا؛ لقَولِ الله تعالى عن بعضِ الْمُنافِقين الذين أخذوا يَهمِزونَ قـُرَّاءَ القرآنِ، ويَهزَؤونَ بِهِم في غزوة تبوك: (ولَئِنْ سَأَلْتَهُمْ ليَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَـبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْـتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ..) (سورة التوبة: 65، 66).

قال الفَخرُ الرَّازِي رحمه الله: (إنَّ الاستِهزاءَ بالدِّين، كيفَ كانَ، كُفرٌ بالله تعالى، وذلك لأنَّ الاستهزاءَ يَدُلُّ على الاستِخفافِ، والعُمدَةُ الكُبرى في الإيْمانِ: تعظيمُ الله تعالى بأقصى الإمكان، والْجَمْعُ بين الاستهزاءِ وتعظيمِ الله تعالى مُحَالٌ) تفسير الرازي (16/95) بتصرف يسير.

ثانيًا/ وعليه؛ فـإنَّ ما ورَدَ ذِكْرُهُ في السؤال مِنْ أقوالٍ تترَدَّدُ على ألْسُنِ بعضِ الناس وأمثالِها يُعَدُّ ردةً وكُفراً؛ لِما فيه مِنَ انتقاصٍ لِجلال الله تعالى وهَيبَتِهِ، ومـا يُصَاحِبُهُ من استهتـارٍ بِجَنـَابِ الواحِدِ القهـَّار، ومـا يُشعِرُ بـِهِ من استخفافٍ بالله الْمَلِكِ الدَّيَّان، والنـَّيلِ من عَظَمَتِه، تعالى اللهُ عَمَّا يقولون عُلُوَّاً كبيراً.

ثالثًا/ وقد يَعتَذِرُ قائلُ هذه العبـارات بأنه لا يعلمُ حُكمَها، وأنه لا يَقصِدُ منها الكُـفرَ والرِّدَّةَ عن الدِّين، فنقول: إنَّ الْجاهِلَ لا يُعذَرُ بِجَهْلِهِ؛ إذا كان يعيش في بَلَدِ الإسلام، ولو فَرَضنا أنـَّهُ جاهِلٌ بِحُكمِها؛ لأنها مِمَّا يَخفىٰ على عَوامِّ الناس، فإنـَّه لا يُنقِذُهُ جَهْلُهُ مِنَ الوقوع في سَخَطِ الله عز وجل؛ لأنَّ ظاهِرَ هذه العباراتِ لا يُفهَمُ مِنهُ إلا الاستِخفافُ بِعَظَمَةِ الله تعالى، وهذا وَحدَهُ كَافٍ في وقوعِ قائلِها في مَعصيَةِ الرِّدَّةِ، واستِحقاقِهِ عَذابَ النـَّارِ والعِياذُ بالله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الـرَّجُـلَ لَيَتَــكَـلَّمُ بالكَـلِمَةِ لا يَـرَىٰ بها بأسًا، يَهوي بها سَبْـعِـيـن خَـريفـًا في الـنَّـار " أخرجه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه. (صحيح الْجامع 1618).

رابعًا/ ومِنْ هُنا يُمكِنُ وَضعُ قاعدةٍ عامَّةٍ تنتظم فيها الأقوالُ الْمُكفِّرةُ في ثلاثة بنود:

(1) كُلُّ قولٍ فيه سُخريَةٌ، أو استهزاءٌ بالله تعالى، أو بآياتِهِ، أو بِأحَدِ أنبيائِهِ ورُسُلِه، أو بِملائِكَتِهِ، أو بِكُتُبِهِ، أو بقضائِهِ وقَدَرِه.

(2) كُلُّ قولٍ فيه انتقاصٌ لله، أو لِدِينِه، أو لأحَدِ أنبِيائِهِ ورُسُلِهِ، بنسبةِ ما لا يليقُ بهم إليهم؛ كَسَبِّ الرَّبِّ، أو الرَّسول، أو الدِّين، أو الْمِلـَّة، أو الْمَذهَبِ، أو القرآن، أو السُّنـَّة.

(3) ولا فرق في كُلِّ ذلك بين أن يكونَ قائِلُهُ جَادَّاً به، أو هـازلًا، أو لاعِبًا، أو مُسْتـَهتِرًا.

وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم.

الشيخ/ إحسان إبراهيم عاشور

مفتي محافظة خان يونس

المصدر / فلسطين أون لاين