حملة متواصلة من التحريض الإسرائيلي، ضد المدن الفلسطينية شمال الضفة الغربية، يتصاعد مع كل عملية تنفذها المقاومة، والتي كان آخرها عملية جنين التي أصيب فيها خمسة مستوطنين جنود، وفشل الاحتلال في الوصول إلى المنفذين، كما الحال في العديد من العمليات التي شنتها المقاومة خلال الأشهر الأخيرة، ولا زال الاحتلال يُمنى بفشل وراء الآخر، تصب جميعها في عدم قدرة الاحتلال على السيطرة على المدن الفلسطينية، خاصة في شمال الضفة الغربية، التي أصبحت تشمل طولكرم، بعد جنين ونابلس، وكذلك أريحا في الشرق، التي شهدت عدة عمليات أدت إلى مقتل وإصابة العديد من الجنود والمستوطنين خلال النصف الأول من عام 2023.
استمرار التحريض الإسرائيلي ضد المدن في الشمال هو دلالة فشل في قدرته على السيطرة الأمنية، أو وضع حد للمقاومة المتصاعدة، وفشله الأمني في الوصول إلى منفذي العمليات، عوضًا عن فشله في منع العمليات بالأساس، التي ازدادت وتوقع قتلى وجرحى من الجنود والمستوطنين.
نظرة على العمل المقاوم في الضفة الغربية، تدرك حجم التحول في العمل المقاوم، فمثلًا: يوم الخميس نهاية الأسبوع الماضي شهد، 23 عملًا مقاومًا، بينها 8 عمليات إطلاق نار، وخلال الأسبوع نفسه نُفذ 159 عملًا مقاومًا، بينها 23 عملية إطلاق نار، أدت إلى إصابة 7 جنود ومستوطنين.
يمكن القول إن العمل المقاوم في الضفة الغربية، تجاوز المرحلة التي يمكن السيطرة عليه أو منعه، بل يمكن القول إنه وصل إلى مرحلة يمكن المبادرة بالعمل المقاوم، إلى جانب القدرة على التصدي لعمليات الاجتياح التي يشنها الاحتلال ضد المدن الفلسطينية.
لذلك الحديث المتكرر من الاحتلال عن عمليات عسكرية في شمال الضفة الغربية، هو محاولة من الاحتلال لطمأنة المستوطنين بأنه يسعى إلى السيطرة الأمنية، وأنه يبذل جهدًا لذلك، ولو كلف عملية عسكرية في شمال الضفة الغربية، وهو يدرك أن مثل هذه العمليات لن تنجع في منع المقاومة، بل يمكن أن تزيد من العمل المقاوم، وانتقاله إلى الداخل المحتل كما حدث في عمليات اجتياح سابقة، حيث نجح المقاومون في التصدي لعمليات الاجتياح، وكذلك تجاوز حواجز الاحتلال، وتنفيذ عمليات في عمق الاحتلال كما حدث في عمليات نفذها مقاومون، من القدس ومدن نابلس وجنين وطولكرم ورام الله، كما فعل الشهيد خيري علقم الذي نجح في تنفيذ عملية خاصة، أدت إلى مقتل خمسة مستوطنين، وهي الحصيلة الأكبر، أو عمليات الأغوار التي لم يتوقعها الاحتلال، ونفذها شبان من نابلس أدت إلى مقتل ثلاثة مستوطنين.
حقل من الألغام ينتظر الاحتلال في المدن الفلسطينية التي يهدد باجتياحها، يمكن أن تقود لموجة من عمليات المقاومة، وانضمام مدن أخرى للحالة الثورية، كما حدث بانضمام نابلس لجنين، وكذلك طولكرم وأريحا التي لم يتوقعها الاحتلال.
وهنا يجب أن تستعد المقاومة لمواجهة حماقة الاحتلال، وتعزيز العمل المقاوم، واتخاذ إجراءات أمنية تحمي المواطنين والمقاومين من حماقات الاحتلال، والتصدي له بمزيد من العمل المقاوم، واستباقه بتنفيذ مزيد من العمليات التي توقع الخسائر في صفوفه، وردعه عن ارتكاب مجازره واعتداءاته، ونقل المواجهة إلى حواجز الاحتلال، واستهداف المستوطنات ومواقع جنود الاحتلال التي ثبت عدم قدرتها على مواجهة المقاومين المدربين والشجعان، وهو ما حدث في عمليات عدة، كما عملية الشهيد الجندي المصري محمد صلاح التي نفذها قرب الحدود بين فلسطين التاريخية ومصر، تمكن فيها من فضح القدرات الهشة لجنود الاحتلال، حيث قتل ثلاثة منهم، وفضح منظومة العمل الأمني الإسرائيلي، كما يفعل المقاومون الفلسطينيون باستمرار في الضفة الغربية، ولا زالت عمليات غزة حاضرة وجرحها حاضر في منظومة أمن الاحتلال.