قائمة الموقع

متحف البَدّ.. مرجع ثقافي وتاريخي في قلب بيت لحم

2023-06-12T10:01:00+03:00
متحف البَدّ

يقع في قلب البلدة القديمة بمدينة بيت لحم متحف يحمل تاريخ وحضارة تعود للقرن الثامن عشر، إنه متحف البَدّ الذي يعرض حياة المدينة القديمة والعادات والتقاليد والأدوات والثقافة التي سادت في أزمان سالفة واستخدمها السكان في الماضي.

تعود أصول المتحف إلى بيت قديم لعائلة "جقمان" على بُعد أمتار قليلة من كنيسة المهد، وتحكي حجارته ومقتنياته تاريخ المدينة ومهن أبنائها التقليدية، وقد سمي البَدّ نسبةً إلى حجر كبير كان يستخدم في عصر الزيتون.

تقول مديرة المتحف إيمان المغربي لصحيفة "فلسطين": "المتحف بناء قديم ويمثل بيتًا عائليًا فلسطينيًا، وارتأت وزارة السياحة والآثار الحفاظ على الموروث الثقافي، وحُوّل إلى متحف بعد استئجاره".

ما هو حجر البَدّ؟

ويحتوي المتحف على مجموعة ثرية من التراث التاريخي مليئة بالمكنونات التراثية التي توضح عملية إنتاج زيت الزيتون، بدأ من شجرة الزيتون المزروعة في حديقته، ثم حجر البَدّ، وهو حجر كبير يزيد وزنه عن طن، دائري الشكل كان يستعمل لعصر الزيتون في الغالب، إضافة إلى قنوات وبئر لجمع الزيت، وعدد كبير من الجرات الفخارية التي كانت تستخدم لحفظ زيت الزيتون.

وتوضح أن عصر الزيتون يبدأ بوضع الثمار في حوض الحجر "القصعة" من أجل درسه، ويدير الحجر الحيوانات أو أشخاص يطلق عليهم "البدادة" لهرس الزيتون، ثم ينقل بعد الهرس من خلال قفاف مصنوعة من ألياف نباتية مثل نبتة القنب، ثم يُضغط لاستخراج السائل الممزوج منه، إذ يطفو الزيت على السطح وتتجمع الشوائب في الأسفل، لتصفية السائل وتخزينه في جرار فخارية لحفظ الزيت.

وتبين المغربي أن المتحف يظهر بوضوح أهمية شجرة الزيتون ومكانتها للفلسطينيين، إذ يوجد في المتحف عروض توضح استخدام زيت الزيتون في الطعام وإضاءة المصابيح، وإنتاج الصابون، والطعام والطب والتجميل وغيرها من الصناعات اليدوية.

ويضم المتحف مجموعة واسعة من المعروضات التاريخية التي تعود إلى العصور القديمة، بما في ذلك القطع الأثرية والتماثيل والأواني الفخارية والمخطوطات القديمة، وتساهم هذه المقتنيات الثمينة في إلقاء الضوء على تاريخ المدينة وتطورها عبر العصور.

ويحتوي المتحف أيضًا على العديد من الأدوات التراثية التي كانت تستخدم في جني المحصول مثل القبعة التي كان بعض الأجداد يضيفون إليها جلد الماعز ليستخدموها في جمع الحبوب، والسلة والقرطلة المصنوعة من خشب الزيتون، وفق المغربي.

وتلفت إلى أن المتحف شهد عملية ترميم وتنقيب من الجهة الشمالية الغربية من خبراء آثار فرنسيين، كشفت عن مجموعة من الصدف والفسيفساء من الحجر الجيري، والزجاج المذهب، والعملات المعدنية الإسلامية، وعملة جند فلسطين، وأدوات فخارية، وأجزاء من العظام تظهر النشاط الحرفي في المدينة. 

محطة تاريخية وتعليمية

وتتابع حديثها: "المقتنيات تدلل على وجود حضارة وتاريخ للمدينة وللفلسطينيين، وأن المنطقة كانت مزدهرة اقتصاديًا، ولذلك يعد متحف البد مصدر إلهام للزوار الذين يبحثون عن فهم أعمق لتاريخ بيت لحم وثقافتها المتنوعة". 

وتلفت إلى احتواء المتحف على غرفة تسمى بالمهد، وفي داخلها نموذج مجسم لكنيسة المهد من خشب الزيتون المرصع بالصدف، ورسومات الأعمدة الأربعة وجداريات من الفسيفساء التي صممت بشكل دقيق جدًا، اعتمد هذا العمل على الترميم الرقمي والاستعادة الرقمية للزخارف التي اختفت مع مرور الوقت، إذ عملت على تحليل عميق للكنيسة في عصورها الذهبية بعد تدهور حالة زخارفها وعدم وضوح معالمها.

وذكرت المغربي أن المتحف يضم أيضًا غرفة يطلق عليها ضياء بيت لحم تضم لوحات فنية رسمها فنانون وزوار تجولوا في المدينة، وغرفة الراوية التي تعرض فيها الصور.

وتظهر في المتحف مجموعة ملونة من الأساور الزجاجية أحادية اللون ومتعددة الألوان، وتشير الكمية الكبيرة والأحجام المختلفة إلى اهتمام النساء والفتيات بالزينة في بيت لحم تلك الفترة، إذ اكتشف هذا النوع من الأساور في المدافن الرومانية في فلسطين، وكانت مركز إنتاج الزجاج القديم.

وإضافة إلى المعروضات التاريخية، يوفر متحف البد غرفة تستخدم لأغراض متعددة كبرامج تعليمية وثقافية وورشات عمل، وندوات تثقيفية، إذ يمكن للزوار التفاعل والتعلم بشكل أكبر عن تاريخ وثقافة بيت لحم.

وتنبه المغربي إلى أنه بالنظر إلى التاريخ الغني والثقافة المتنوعة التي يحتضنها متحف البد، فإنه يعد وجهة لا غنى عنها للزوار الذين يرغبون في استكشاف تاريخ بيت لحم بشكل أعمق، ويعد مرجعًا أساسيًا للمحافظة على التراث الثقافي ونشر الوعي حوله، وهو أحد الوجهات السياحية التي ينبغي على الزوار زيارتها في أثناء تواجدهم في بيت لحم.

اخبار ذات صلة