ما بين جدار الفصل العنصري شرقًا، و"الخط الأخضر" غربًا يعيش أهالي قرية أم الريحان أوضاعًا معيشية واقتصادية صعبة، وفي عزلة عن القرى التي تحيط بها، حيث يحيط بها أربع مستوطنات "شاكيد"، و"حنانيت"، و"ريحان، و"تل مناشيه"، والتي سرقت من أهلها آلاف الدونمات لتضيق الحياة عليهم ويُحرموا من أبسط حقوقهم، بينما يعيش مستوطنوها بحرية في الحركة والتنقل.
عروس فلسطين
المواطن الخمسيني جمال زيد من أهل القرية، يصفها لجمالها بأنها عروس فلسطين، "فقريتنا مجتمع صغير يعيش أهله بروح التعاون والتكافل، وتتشابك علاقات الجيرة والقرابة في مختلف جوانب الحياة اليومية، كون جميع سكان من ذات العائلة".
ويقول زيد الذي يعمل موظفًا في وزارة الأوقاف لصحيفة "فلسطين": "نعيش في وضع اقتصادي صعب بسبب الاحتلال، فالراتب لا يكفي لعائلتي المكونة من تسعة أفراد، ولا يوجد فرص عمل حيث لديّ ثلاثة أبناء خريجو جامعات عاطلون عن العمل".
وبجدٍ يعمل رجال القرية لأجل كسب قوت يومهم، حيث يعتمد غالبيتهم على العمل في المدن الفلسطينية المحتلة، ولا يستطيعون استثمار أراضيهم في الزراعة، مضيفًا: "فالأراضي أصبحت بورًا، لا نستطيع زراعتها بسبب الحيوانات البرية والخنازير التي يطلقها المستوطنون التي تأكل المزروعات، كل ذلك بهدف اقتلاعنا من أرضنا لأننا نحمل الهوية الفلسطينية".
ويبيّن زيد أن أهل القرية يتمسكون بالقيم والتقاليد التي نشأوا عليها وينقلونها من جيل إلى آخر، ويحرصون على تعزيز التواصل والترابط الاجتماعي بينهم في ظل العزلة التي يفرضها عليهم "جدار الفصل العنصري"، من خلال تنظيم نشاطات مجتمعية مشتركة.
ويشتكي السكان في "أم الريحان" من قلة الفرص الاقتصادية، فيكافحون لتحسين ظروف العيش والعمل، وقد يضطرون إلى الانتقال إلى المدن الكبرى بحثًا عن فرص أفضل.
ويسرد زيد من المعاناة التي يعانون منها منذ سنوات كمشكلة الكهرباء وانقطاعها في حال ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى مشكلة المياه وغيابها رغم اعتمادهم عليها لكونها قرية زراعية.
وتعد القرية من بلدات محافظة جنين، والتي تقع في الأراضي المحتلة عام 48م، ولكن يحمل سكانها "الهوية الخضراء" وهم ممنوعون من التنقل في مناطق الداخل المحتل إلا بعد الحصول على تصاريح خاصة للعمل أو العلاج.
حياة صعبة
ويوضح رئيس مجلس قرية أم الريحان مجدي زيد الكيلاني أن القرية تعيش أوضاعًا صعبة تؤثر سلبيًّا على حياتهم المعيشية، وأبسطها أنهم لا يتمكنون من التنقل بين القرى المجاورة لأجل توفير المواد الغذائية، أو العلاج أو الدراسة، ويصف الحياة فيها بأنها أشبه بسجن يضم 600 نسمة.
ويقول: "وما يضيق خناق الحصار عليهم "جدار الفصل العنصري" من جهة، و"الخط الأخضر" من جهة أخرى، إلى جانب ممارسات المستوطنين تجاه أهل القرية لإلحاق الأذى بهم".
ولأجل الدخول والخروج من القرية لا بدّ من الحصول على تصريح مرور، أو التنسيق مع "الارتباط الفلسطيني"، ومع ذلك يتم أحيانًا احتجاز المواطنين ساعات من جنود الاحتلال، والاعتداء عليهم من دون مبرر، ليعيش الطلبة والموظفون في معاناة يومية تتسبب لهم في التأخير بالوصول إلى أعمالهم أو حين العودة إلى منازلهم.
ومن أشكال العذاب الذي يعيشه أهل قرية "أم الريحان" بسبب ممارسات الاحتلال، التعرض لأشكال مختلفة من الإهانة والأذى، فيفتشهم جنود الاحتلال جسديًا وآليًا، ويمنعونهم من نقل أي مواد تموينية إلا بكمية قليلة جدًا بقدر حاجة الشخص، وبالتالي تعاني القرية من نقصٍ في المواد الغذائية، كما يمنع الاحتلال أهلها من إقامة مشاريع صغيرة خاصة بسبب حرمانهم من المواد اللازمة لهذه المشاريع وتسويق منتجاتها.
ويضيف: "ويواجهون صعوبة في شرائهم أي منتج أو لمجرد إدخاله القرية، فشراء أثاث بيتي يحتاج الأمر منهم إلى إجراء تنسيق قد يستغرق منهم عدة أيام، كما أنهم يُمنعون من البناء، وتم تسليم العديد من المنازل والمحال التجارية أوامر وإنذارات هدم".
ويلفت زيد إلى أن المستوطنين أيضًا لهم يد طولى في تضييق الخناق على أهل القرية، ومنعهم من الدخول والخروج، فهم يقفون على بوابتها تحت حماية من جنود الاحتلال، يعتدون على المواطنين بالضرب.
وينبه إلى أن الاحتلال صادر 266 دونمًا من أراضي القرية ومنع أصحابها من الوصول إليها، بينما يسمح لمستوطنيه بزراعتها، ويذكر أن مساحة القرية الكلية كانت تبلغ 4000 دونم، فيوجد فيها منطقة أحراش يكثر فيها زراعة أشجار البلوط والصنوبر وغيرها.
ويوجد في القرية مدرسة واحد تشمل جميع المراحل الدراسية، وفيها نسب عالية من المتعلمين، إلى جانب العمال والمزارعين، لكنها تفتقر للمواصلات، ولا يوجد فيها سوى مركز طبي واحد يفتح أبوابه يومًا واحدًا في الأسبوع كل يوم خميس، ليواجه أهلها معاناة في الوصول إلى القرى المجاورة لأجل الحصول على العلاج بسبب سياسة الاحتلال الممارَسة على البوابة.