قائمة الموقع

منزل ريحان في نابلس.. عتبات الزمن تُزهر بالألوان

2023-06-07T09:32:00+03:00
منزل آل ريحان

في أحد أزقة حارة التوباني الواقعة في البلدة القديمة بمدينة نابلس، يلفت نظرك مدخل منزل عائلة ريحان الذي تتزين عتباته بأنواع مختلفة من الأزهار الطبيعية وبعض المقتنيات الأثرية القديمة، ليضفي هذا المزيج من الألوان الجميلة سحرًا خاصًا، إلى جانب فخامة الفن المعماري القديم بداخله.

عندما ورث فهمي ريحان البيت عن أبيه كان المنزل في حالة يرثى لها وتدهور تام، "فتاريخ المنزل يعود إلى العهد العثماني، ويقدر عمره بمئات السنين قرابة 800 عام، لذلك قررت عمل ترميم وصيانة له للحفاظ على إرث أجدادي ووالدي"، يقول لصحيفة "فلسطين".

حضارة وتاريخ

ويحتوي البيت على 12 غرفة، سعى ريحان للاهتمام بتفاصيل كثيرة ليصبح المنزل أشبه بمتحف تراثي بعدما رُمم، فباتت الزوايا تحمل قصصًا تاريخية وثقافية وتراثية، كما اهتم كثيرًا في زراعة الزهور والورود ونباتات الزينة، وعرض بداخله المقتنيات التراثية القديمة للحفاظ على حضارة المكان وتاريخه.

ويتابع ريحان حديثه: "كان الهدف الأول من أعمال الترميم والصيانة هو الحفاظ على تراث عائلته، والمساهمة في الحفاظ على الموروث الثقافي للمنطقة، كما أنه دليل على تمسكي بالأرض وتاريخ البلدة القديمة وعراقتها وحضارتها".

وفي المنطقة التي يطلق عليه "حوش" المنزل (حديقة داخلية) أكثر المناطق تنبض بالتاريخ العريق والفن المعماري الفريد، حيث تحتوي على بركة ماء (نافورة) محاطة بأشكال مختلفة من الورود وأزهار الزينة والأشجار التي تحيط بها من كل الجوانب، وتجد الجلسات العربية من كراسي مصنوعة من القش والمُغلفة بقماش أحمر مطرز، لتستهوي الزوار للجلوس والتقاط صور تذكارية في المكان.

ويحيط بالحوش الغرف التي تلاحظ عن قرب سماكة جدرانها، ومسقوفَة بالقباب، كما تتزين الجدران بالصور القديمة واللوحات الفنية، كما تجد ساعة حائط تعود لعهد الدولة العثمانية، مضيفًا: "تلك الساعة أهداني إياها صديق، فغالبية المقتنيات التراثية القديمة الموجودة في المنزل هي عبارة عن هدايا، لكون ما كان بحوزتي من أغراض قديمة تحطمت بعدما تعرض المكان للقصف، فلَم يتبقَ شيء مما ورثته عن أجدادي".

وعلى طرفي الدرج الحجري القديم للمدخل المُقوس للمنزل يضع ريحان قوارير من المزروعات والزهور، ليظهر المكان أشبه بلوحة فنية جميلة.

استهداف احتلالي

وحتى القرن التاسع عشر اعتمدت جميع الأنسجة العمرانية الحضرية فـي كـل مـن القدس، ونابلس، والخليل، ورام الله، وجنين، وغزة، مبدأً شبيهًا بذلك الذي انتشر بالفترة العثمانية من حيث التصميم، وهـو الحيز السكني المنفرد، والفناء المفتوح (الحوش)، ولكن بطريقة أكثر تبلورًا.

واستخدمت في هذه البيوت الحجارة الطبيعية غير المشذبة كمادة بناء أساسية، وكانت الجدران سميكة يصل سمكها إلى 100سم لتدعمَ القبة أو القبوة الحجرية في السقف، وكان كل "مدماك" يتكون من طبقة خارجية وأخرى داخلية من القطع الحجرية، وتملأ المسافة بينهما بقطع من حجارة الدبش.

وفي مدينة نابلس أحُصي في نهاية الفترة العثمانية، 23 مبنـى، باعتبارها قصورًا، وهي من البيوت المستقلة، التي بنتها العائلات الثرية من الحكام والأعيان.

ولم يسلم منزل ريحان من بطش الاحتلال الإسرائيلي فقد تعرض عدة مرات لقصف من الجيش في أثناء اجتياحه نابلس قبل عشرين عامًا، ولا يزال حتى اليوم مستهدفًا في كل اقتحام للبلدة القديمة، مشيرًا إلى أنه في إحدى المرات دمرت أربع غرف من البيت في اجتياح الاحتلال المدينة، وأعاد بنائها وترميمها بمساعدة البلدية بالرغم من كل التحديات والتكاليف المادية الباهظة.

ويرى ريحان أن ممارسات الاحتلال ضد منزله لن تكسر من إرادته، وسيواصل ترميمه مرارًا وتكرارًا ليحافظ عليه "حتى لو دمره الاحتلال، وليبقى معلمًا تاريخيًا وحضاريًا في البلدة القديمة".

بات أهل البلدة القديمة والجيران يشيدون بالشكل الذي أصبح عليه المنزل، ويجلبون له ما لديهم من مقتنيات قديمة، كما بات مزارًا من قبل أهل المدينة وخارجها ومقصدًا سياحيًا وتاريخيًا يتوافدون إليه لالتقاط الصور ومشاهدة جمال المكان الذي بات لوحة فنية.

اخبار ذات صلة