عندما شنَّت "العصابات الصهيونية" عدوانها على المدن الفلسطينية لتهجير المواطنين الفلسطينيين، والسيطرة عليها بمساعدة قوات الاحتلال البريطاني، لم يقتصر الأمر على العمليات العسكرية البرية، التي تخللها جرائم بشعة سجلها التاريخ، بل شملت أيضًا استخدام طائرات حربية ألقت حممها وتسببت بقتل الفلسطينيين.
هذا ما تعرضت له قرية (جبع) الواقعة قضاء مدينة حيفا، شمالي فلسطين المحتلة، بحسب مراجع تاريخية، وثقت تاريخ النكبة.
تقع (جبع) إلى الجنوب من مدينة حيفا، وتبعد عنها 18.5 كيلومترًا، وترتفع عن سطح البحر 50 مترًا، وقد بلغت مساحة أراضيها 7012 دونمًا.
وتحد قرية (جبع) من جهة الشمال قرية المزار، وعين غزال من الجنوب، أما في الجنوب الغربي لجبع تقع قرية الصرفند، وإجزم في الجنوب الشرقي، وقرية المنارة في الشمال الغربي.
وكانت (جبع) مبنية على المنحدرات الغربية من الجزء الجنوبي لجبل الكرمل، وتشرف على السهل الساحلي المحيط بقرية الصرفند.
كما تشير دلائل عثر عليها على بعد 2 كيلومتر شمالي القرية، إلى أن (جبع) كانت آهلة في عصور ما قبل التاريخ.
وفيما يتعلق بمعالم القرية، كان فيها مدرسة ابتدائية للبنين افتتحت في العهد العثماني، وهي تحتوي على مدافن منقورة في الصخر، وقطع فسيفسائية، وبئر قديمة، وبقايا أبنية قديمة.
بلغ عدد سكان القرية سنة ١٥٩٦م (٩٩) نسمة، ووصل عدد سكان القرية عام ١٩٢٢ إلى ٥٢٣ نسمة، وفي عام ١٩٣١ وصل العدد إلى ٧٦٢ نسمة، بينهم 373 ذكرًا، و398 أنثى، جميعهم مسلمون، ماعدا ٢ من النصارى.
وكان هؤلاء يملكون ١٥٨ بيتًا، وفي عام ١٩٤٥ وصل العدد إلى ١١٤٠ نسمة، وفي عام النكبة ١٩٤٨ كان العدد ١٣٢٤ نسمة.
واعتمد سكان القرية قبل تهجيرها، على الزراعة وتربية المواشي كمصدر للدخل الأساسي، بالإضافة إلى عصر الزيتون فكان في القرية معصرة يدوية لاستخراج الزيت.
وعندما بدأ الاستيطان يتغلغل في شمالي فلسطين، وصل إلى قرية (جبع)، وفي سنة 1949 أقيمت مستوطنة "غيفغ كرميل" على أراضيها.
وتعرض أهالي القرية إلى مخطط تهجير عام 1948، وهجر غالبية سكانها الفلسطينيين ومعهم سكان قرى أخرى مجاورة، من بينها إجزم وعين غزال إلى دولتي العراق وسوريا.
وعندما كانت (جبع) قائمة ويسكنها فلسطينيون، كان فيها مدرسة واحدة تأسست عام 1303 في ظل الحكم العثماني، وفي عام ١٩٤٢- ١٩٤٣ الدراسي، كان أعلى صف فيها هو الرابع الابتدائي.
أما عن القرية اليوم، فلم يبقَ منها سوى مقام الشيخ عمير في أعلى موقع مليء بركام الحجارة، في حين تنمو غابات الصنوبر في الأرض المجاورة المسيَّجة بالأسلاك الشائكة، وثمة بقايا قبور حول القرية، ويستخدم المستوطنون جزءًا من الموقع مرعى للمواشي.