على دفعات، وتحت جنح الظلام، توالى وصول نحو 100 مستوطن عبر سيارات تسللوا مساء أول من أمس، قرب منزل فادي حجي في الحارة الغربية بقرية برقة شمال غرب نابلس، قادمين من مستوطنة "حومش"، بحماية قوات الاحتلال التي أغلقت الشارع الرئيس الواصل بين نابلس وجنين.
"ضربوا على بيتنا حجارة، وكسروا سيارة أخي"، على مدار ساعتين ظل حجي وعائلته يحاولون منع المستوطنين من اقتحام منزلهم، في حين صدحت أصوات مآذن المساجد لاستنفار الأهالي للدفاع عن القرية، فهب الكبير والصغير للدفاع عنها، ووصلت النداء للقرى المجاورة التي اصطدمت بحواجز أغلقت الطريقين الرئيس والفرعي.
أعداد كبيرة
يروي حجي لصحيفة "فلسطين" تفاصيل ما جرى قائلاً: "تجمع المستوطنون أمام بيتي بأعداد كبيرة، كان يترجل من كل سيارة نحو سبعة مستوطنين، بدؤوا بالهجوم كالقطعان وهم ملثمون، انتشروا بين المنازل، حرقوا سيارة جيراننا وكسروا سيارة أخي، وضربوا كاميرات المراقبة ببيتي، وحاولوا الدخول للمنزل، وكانوا يحملون عصيًا ومسدسات".
وحجي الذي يعمل مديرًا لمدرسة برقة الثانوية شهد اعتداء آخر خلال تقديم الطلبة للامتحانات الدراسية شنه المستوطنون على المدرسة، حينما تسلل 12 مستوطنا من سور المدرسة الجنوبي بحماية من جيش الاحتلال وكان جزء من الطلاب لم يغادر بعد، وحاولوا الدخول للمدرسة لولا تدخل الأهالي والدفاع عن أبنائهم الطلاب.
خلال الهجوم أكمل المستوطنون عدوانهم بالاعتداء على المنازل المجاورة لعائلة حجي، فأحرقوا سيارة جديدة اشتراها الشاب سامي دسوقي قبل مدة وجيزة، واعتدوا على بيته، وحينما حاول الدفاع عن نفسه وعائلته تعرض للإصابة بسبب الحجارة التي ألقاها المستوطنون تحت أعين أفراد جيش الاحتلال.
يروي عمه عميد دسوقي لصحيفة "فلسطين" صورة أخرى من الحدث: "حرقوا سيارة ابن أخي وحاولوا حرق حظيرة أغنام كما فعلوا بالاعتداء السابق، وركزوا هذه المرة على محاولة تكسير كاميرات المراقبة على منازل المواطنين حتى لا تفضح جريمتهم".
رغم ما حدث، قال بنبرة فخر عن وحدة الأهالي للدفاع عن قريتهم وأنفسهم: "عندما صدحت المآذن بنداء الاستغاثة، خرجت القرية عن بكرة أبيها، فتخلل الأحداث مواجهات وإطلاق رصاص وإلقاء قنابل غازل مسيلة للدموع".
هجمات مستمرة
وتتعرض قرية برقة لهجمات مستمرة من المستوطنين، لوقوعها قرب مستوطنة "حومش" المقامة على أرض فلسطينية خاصة على الطريق الواصل بين محافظتي نابلس وجنين. وقبل أسبوع أعاد مستوطنون بناء مدرسة تلمودية في موقع المستوطنة وسط تحذيرات فلسطينية.
وفي مارس/ آذار الماضي صدَّق الكنيست الإسرائيلي على إلغاء ما يُعرف بـ"قانون فك الارتباط"، ما يسمح للمستوطنين بالعودة إلى 4 مستوطنات في الضفة الغربية أُخليت عام 2005، بينها "حومش".
وأصيب 4 مواطنين بشظايا الرصاص الحي، و55 بالاختناق خلال المواجهات التي حدثت مساء أول من أمس، والتي أصبحت حسب الناشط بالقرية ذياب حجي اعتداءات شبه يومية زادت بعد إلغاء ما يُعرف بـ"قانون فك الارتباط"، في حين يقوم جيش الاحتلال بتوفير الحماية لهم.
وأوضح حجي لصحيفة "فلسطين"، أن الحارة الغربية الأكثر تعرضا للاعتداء نظرا لقربها من مدخل مستوطنة حومش التي بدأ المستوطنون يعودون إليها بعد بناء مدرسة تلمودية في موقع المستوطنة".
ووصف الوضع بـ "المأساوي" الذي حول القرية إلى منطقة منكوبة يخيم "عليها الحزن والخوف" بعد ليلة الأحد الدامية تخللها إطلاق رصاص وغازات مسيلة للدموع.
ومنذ شهرين يعيش الأهالي، وفق حجي، في حالة قلق نتيجة تكرار اعتداءات المستوطنين، مبينا أنه مع كل اعتداء يتبادل الشبان الإنذارات حول تحركات المستوطنين عبر تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي، أو من خلال الصفارة أو بالنداء عبر سماعات المساجد.
وشدد حجي على أن رسالة أهالي القرية البالغ عددهم ستة آلاف فرد لكل الأحرار هي "توفير الحماية وتدعيم صمودهم، بتوفير مركز دفاع مدني من أجل إطفاء الحرائق التي يشعلها المستوطنون في البلدة، ووضع شباك حماية على نوافذ البيوت القريبة من المستوطنة.