في الآونة الأخيرة زادت وتيرة حملات استدعاء الأسرى المُحررين من سجون الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة؛ وكذلك استجوابهم والتحقيق معهم من داخل منازلهم أو في مقرات الارتباط العسكري الإسرائيلي على مداخل المدن الفلسطينية.
لكنْ ثمة أمر خطير ظهر حديثًا على السطح؛ يتجلى في طرح مخابرات الاحتلال على المحررين فكرة "الإبعاد الاختياري" لمدة أربع سنواتٍ للخارج.
المحررون الذين التقت بهم "فلسطين" أكدوا رفضهم المطلق لما وصفوه بــ"الابتزاز الرخيص" و"العرض اللئيم".
لؤي داود (43 عامًا) من مدينة قلقيلية، واحدٌ ممن تم استدعاؤهم من قِبل "الشاباك" لأجل مقابلةٍ أمنية في مقر المعبر الشمالي.
وقال المحرر داود لــ"فلسطين": "تم استدعائي من قبل ضابط مخابرات المنطقة عبر مكالمة هاتفية منه، وبموجبه حُدّد موعد الحضور، خضعت أولًا لإجراءات المعبر الشمالي من التفتيش والانتظار؛ ثم تلقيت عرضًا من ضابط المخابرات بالإبعاد لمدة خمس سنوات خارج فلسطين قائلًا لي "إن الإبعاد سيكون فترة نقاهة بعد أكثر من 12 عامًا من الاعتقال على فترات مختلفة".
وأضاف داود: "على الفور رفضتُ طلب ضابط المخابرات لأن من حقي العيش في وطني، مخبرًا إياه أن النقاهة في بلدي أفضل من أي بلدٍ آخر، وإن كنت سأفكر في السفر فذلك كي أتلقى العلاج وأزرع القرنية بما أني أشكو من ضعفٍ في الرؤية".
على أي حال إنها ليست المرة الأولى التي يُعرض فيها الإبعاد على داود من قِبل ضابط مخابرات المنطقة، الأولى كانت في منزله والثانية في مقر المعبر الشمالي، موضحًا رأيه: "أرى في عرضٍ من هذا القبيل ابتزازًا وتهديدًا مبطنًا من قبل الاحتلال لي، فقد أمضيت 12 عامًا في سجون الاحتلال، وآخر اعتقالٍ لي كان في 10/11/2015م، واستمر حتى الأول من آذار من عام 2017م؛ وكان اعتقال إداري دون تهمة".
وأضاف دواد: "أبعدتني المخابرات الإسرائيلية في أثناء الاعتقال الإداري في سجن النقب عام 2003م إلى قطاع غزة لمدة عام ونصف؛ وعدت على قلقيلية في عام 2005م، وتم اعتقالي بعدها عدة مرات".
لم يختلف رد فعل المحرر محمد سامح عفانة (وهو أيضًا من قلقيلية) عن سابقه؛ يقول لــ"فلسطين": "أمضيت عشر سنوات في الاعتقال؛ وحين موعد الإفراج تلقيتُ عرضًا واضحًا من المخابرات بأسلوبٍ خبيث يزيف غرضهم؛ في ادعاء مكشوف منهم أنه "ترويح عن النفس" على أن يسمح لي بالعودة بعد انقضاء فترة الإبعاد، وهذا كله من أجل انتزاع موافقة اختيارية من الأسير الذي اقترب موعد إفراجه".
وأبدى عفانة ارتياحه إزاء إجماع الأسرى والمحررين على حد سواء برفض التعاطي مع مثل هذه المبادرات الخبيثة؛ حسب تعبيره.
الناشط والمحرر ثامر سباعنة؛ من بلدة قباطية الواقعة في مدينة جنين؛ أمضى ما يزيد على خمس سنوات في الاعتقال وصاحب مؤلفات أدبية عكف على تأليفها داخل الأسر؛ يقول لـ"فلسطين": "في إطار سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال ضد المحررين لمحاسبتهم على تاريخهم النضالي، فإنه يعمد إلى منعهم من السفر؛ وعدم السماح لهم بالحصول على تصريحٍ للصلاة في المسجد الأقصى أو السفر للعلاج".
ويشير إلى أن المحررين باتوا يتعرضون لضغطٍ أكبر على صعيد المضايقات والابتزازات من قبل ضباط المخابرات منها التلويح بالإبعاد ورسائل التهديد بالاعتقال والمراقبة الدائمة.
وأكد أن فكرة الإبعاد تحمل أبعادًا نفسية خطيرة على معنويات المحرر وعائلته، معللًا السبب: "لأن المستقبل لن يكون آمنًا في حال قيام الاحتلال بإبعاد قسري لمن عُرض عليهم بشكلٍ اختياري ما يقتضي توفير حمايةٍ قانونية لهم كي لا تتغوّل المخابرات أكثر بحقهم من خلال هذه العروض".