تعيش الطفلة أيلول شاهين حالة فقد وحرمان قلَّ ما تمر بها طفلة بعمرها بعد اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي والدتها فاطمة شاهين من سكان مخيم الدهيشة في مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، والزج بها خلف قضبان السجون.
"وين ماما.. مشتقالها.. بدي أشوفها" لا تنفك أيلول البالغة 4.5 أعوام، عن قول هذه الكلمات الممزوجة بالحب لوالدتها المعتقلة منذ 17 إبريل/ نيسان الماضي.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت شاهين (33 عامًا) بعد إصابتها بالرصاص عند مفرق "غوش عصيون" الاستيطاني الذي يفصل بين مدينتي بيت لحم والخليل.
ولم يمضِ وقت طويل حتى اتصلت قوات الاحتلال بوالدها إسماعيل شاهين (69 عامًا)، وأخبرته أنها أصيبت برصاص الجيش في أطرافها، ولم تكن عائلتها تعلم مدى خطورة حالتها الصحية حينها.
يضيف والدها لصحيفة "فلسطين"، اكتشفنا لاحقًا أن إصابتها كانت في منطقة البطن وقد أصاب الرصاص العمود الفقري في جسدها.
على إثر ذلك اعتقلت قوات الاحتلال شاهين قرابة شهر كامل في مستشفى "شعاري تسيديك"، حيث خضعت للعلاج قبل نقلها لاحقًا إلى ما يعرف بـ"عيادة سجن الرملة" التي تخفي خلف جدرانها الأسرى أصحاب الأمراض الخطيرة، ومنها السرطان.
يبدي والد الأسيرة شاهين مخاوف كبيرة على حياة ابنته فاطمة، فهي ابنته المدللة كما يقول، وقد مرت بظروف اجتماعية صعبة، وتكرس حياتها لابنتها أيلول.
وقال: إنه يعرف جيدًا سياسات إدارة سجون الاحتلال تجاه الأسرى وما يترتب على ذلك من إهمالهم طبيًا ما أدى إلى استشهاد عدد منهم.
وأضاف أنه يخشى على حياة ابنته التي أصبحت مقعدة ولا تتحرك إلا بواسطة كرسي متحرك، وبحاجة إلى مساعدة دائمة في ذلك.
وبيّن أن محاكم الاحتلال وجّهت لائحة اتهام لفاطمة تضمنت تهمتيْن: طعن بمحاول القتل العمد، والقتل وحيازة سكين، حسب زعمها.
لكن والدها لا يؤمن بهذه المزاعم إطلاقًا، وكل ما يتمناه أن يطمئن على ابنته، ويراها حرة خارج السجون.
ولم يتمكن والد الأسيرة فاطمة ووالدتها فايقة شاهين (57 عامًا) وكذلك حفيدتهم أيلول، من زيارة الأسيرة فاطمة في سجون الاحتلال أو حتى الاتصال بها هاتفيًا.
وقال: إن أيلول لا تعرف شيئًا عن والدتها حتى اللحظة، ولا تدري أنها معتقلة بعد إصابتها برصاص الاحتلال، وتدرك فقط أن والدتها قد تأثرت حالتها الصحية وذهبت إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وكانت فاطمة طالبة متميزة، إذ إنها تفوقت في الثانوية العامة على مستوى مدينة بيت لحم، وظفرت بمعدل 97% من التخصص العلمي، وقد درست الطب في جامعة القدس أبو ديس، لكن بسبب ظروف عائلتها المالية لم تكمل دراسة التخصص، ولجأت إلى دراسة علوم حاسوب، وحصلت على درجة البكالوريوس.
وبينما كانت فاطمة تبهج حياة ابنتها وعائلتها، أصبحت هذه العائلة مكلومة تعيش ظروف لم تعهدها من قبل بعد اعتقالها وحرمانها ابنتها الوحيدة التي تفتقدها في كل تفاصيل حياتها.
وتشارك العائلة في الفعاليات المنددة بسياسات الاحتلال وانتهاكاته المتصاعدة بحق الأسرى.
يشار إلى أن تاريخ اعتقال فاطمة وافق ذكرى يوم الأسير الفلسطيني 17 نيسان، وهي مناسبة يحييها الشعب الفلسطيني بفعاليات ميدانية وتضامنية مع الأسرى في سجون الاحتلال، ويبلغ عددهم قرابة 5 آلاف بينهم أكثر من 30 أسيرة.