لم تكن المرة الأولى لتسلم المرابطة نفيسة خويص قرارًا بالإبعاد عن حي الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة، فقد سبقه سلسلة قرارات طالتها كما غيرها من مئات النشطاء الفلسطينيين، لكن ذلك لن يثنيها عن التواجد في أقرب نقطة من الحي.
وتبدو الحاجة خويص (63 عامًا) غير آبهة بقرار إبعادها الأخير عن الشيخ جراح، فقع اعتادت على تلك السياسة، وأثبتت نفسها بالتواجد قرب أقرب نقطة تسمح لها سلطات الاحتلال بالوصول إليها.
وسلمت سلطات الاحتلال، صباح أول من أمس، المرابطة خويص، والناشط المقدسي محمد أبو الحمص، قرارًا بالإبعاد عن حي الشيخ جراح، لمدة أسبوعين.
وبحسب مراقبين، تتبع سلطات الاحتلال سياسة الإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى منذ احتلال كامل المدينة المقدسة عام 1967م، بهدف ترحيل المقدسيين عن أرضهم، وإفراغ المدينة من سكانها الأصليين، وإحداث تغيير ديموغرافي لمصلحة المستوطنين.
مخططات عنصرية
وبتحدٍ قالت خويص لصحيفة "فلسطين": "لن يرهبنا الاحتلال، ولن تمنعنا قراراته العنصرية الجائرة في الوصول إلى أقرب نقطة مع حي الشيخ جراح، وسنُفشل مخططاته لتهجير السكان".
وأضافت: "لن يهزني قرار الإبعاد أو الاعتقال، وسأبقى أرفع علم فلسطين أمام مدخل الحي، وأرابط قرب بوابات المسجد الأقصى بعد أن مُنعت بقرار عنصري جائر من الدخول إلى المسجد لستة أشهر تنتهي في يوليو القادم.
وأكملت خويص: "أُبعدت عن حي الشيخ جراح، (أول من أمس)، وعن المسجد الأقصى بداية العام الجاري بزعم أني أشكل خطرًا على شرطة الاحتلال"، مردفة: "لا أتمالك نفسي حين أشاهد المستوطنين يقتحمون الأقصى وحي الشيخ جراح ويعيثون فسادًا ويحاولون طرد السكان الأصليين".
ونبهت إلى أن المسجد الأقصى والأحياء المقدسية في خطر بسبب مخططات الاحتلال العنصرية، داعية من وصفتهم بـ"شرفاء وأحرار" العالمَين العربي والإسلامي للوقوف إلى جانب المقدسيين.
كانت سلطات الاحتلال أصدرت عشرات قرارات الإبعاد بحق الستينية خويص، عن القدس والمسجد الأقصى المبارك وحي الشيخ جراح طوال السنوات الماضية.
اعتداءات المستوطنين
ووصف الناشط المقدسي، محمد أبو الحمص، قرار إبعاده عن حي الشيخ جراح، لمدة أسبوعين، بالمُجحف، الذي اتخذ بحقه لتصديه لاقتحام الحي وتلويحه بالعلم الفلسطيني.
وقال أبو الحمص (58 عامًا): "إن القرار محاولة إسرائيلية لدفعي لمغادرة الحي والتخلي عن عملي النضالي الذي بدأته منذ الانتفاضة الأولى عام 1987م"، مردفًا: أن الاحتلال واهم إن فكَّر أنه يمكنه تحييدي عن الدفاع عن أرض آبائي وأجدادي".
وتابع: "سأواصل المسير من أجل إفشال مخططاته العنصرية حتى لو كلفني ذلك دمي".
وأوضح أن الهدف من قرارات الإبعاد هو إطلاق العنان للمستوطنين للاعتداء على الفلسطينيين وسلب منازلهم، ولمنع إيصال رسالتهم للعالم والنشطاء، واطلاعهم على الجرائم المرتكبة بحقهم.
وأصدرت سلطات الاحتلال 494 قرارًا بالإبعاد، الشهر الماضي، بينها 461 قرارًا بالإبعاد عن القدس والمسجد الأقصى بحق المقدسيين، في محاولة منهم لفرض السيطرة على الأقصى، بحسب معطيات لمُحافظة القدس.
خطة متدحرجة
ويقول مدير مركز القدس للحقوق القانونية والاجتماعية، زياد الحموري: إن سياسة الإبعاد قديمة جديدة تتبعها سلطات الاحتلال بهدف تفريغ منطقة معينة وإتاحة المجال للمستوطنين للاعتداء على سكانها لدفعهم للهجرة عنها وسلبها.
وأكد الحموري لصحيفة "فلسطين"، أن سلطات الاحتلال بهذه السياسة التي بدأتها منذ عام 1948 حينما أبعدت أكثر من 700 ألف فلسطيني عن أراضيهم، تخالف القانون الدولي والإنساني.
وبيَّن أن الاحتلال يعمل وفق خطة متدحرجة لإبعاد المقدسيين عن القدس وأحيائها المختلفة من أجل ترسيخ وجود المستوطنين فيها، داعيًا "العالم الحر" إلى التصدي لتلك المحاولات وإفشالها والوقوف إلى جانب المقدسيين ودعم صمودهم.