فلسطين أون لاين

حصدت ذهبيتَي المسابقة العربية

تقرير "لينا عبد الله".. مقدسية تلتقط بديع الأعماق بالغوص تحت الماء

...
لينا عبدالله
عمّان-غزة/ مريم الشوبكي:

قاد الفضول وحب الاستطلاع لينا عبد الله لتعلم رياضة الغوص تحت الماء، لتدهش بالحياة البحرية الخلابة التي تتجلى فيها عظمة الخالق سبحانه وتعالى، فأرادت أن تنقل تلك المشاهد لوالديها بصور حصدت خلالها ميداليتين ذهبيتين.

وثّقت لينا 12 صورة احترافية الحياة والبيئة البحرية في أعماق خليج العقبة في البحر الأحمر الذي يُعدُّ من أجمل البيئات البحرية على وجه الأرض؛ لما يحتويه من تنوع حيوي نادر من الشعاب المرجانية، والمحتويات الجمالية.

لينا (45 عامًا) ابنة قرية لفتا المُهجّرة في القدس المحتلة، عاشت حياتها ما بين الكويت والأردن، وفلسطين، وهي تحمل درجة الماجستير في الإدارة العامة من إحدى الجامعات الأمريكية، وتعمل مؤسسات دولية بمجال التطوير الحضري في الأردن. 

هواية التصوير الفوتوغرافي بدأت مع لينا فوق الماء، في أثناء ممارستها لرياضة المشي مع الأصدقاء، إذ كانت تلتقط لهم الصور في المسارات التي يسلكونها بمناطق مختلفة من الضفة الغربية، وحازت تلك الصور على إعجاب مسؤولي المسار، والذي شجعها على نشرها على منصات التواصل الاجتماعي.

أول الطريق 

نقلت لينا عين كاميراتها من فوق الماء إلى أعماقه، كما تقول لـ"فلسطين"، إذ حصلت في العام 2010 على أول دورة غطس تحت الماء في مصر، ولم يكن لديها نية للتصوير في الأعماق أبدًا، إذ استمرت بالغطس في مياه العقبة ومدن مصرية كمرسى علم، وشرم الشيخ والغردقة، "وذهلت من روعة الكائنات البحرية في تلك الأعماق".

وتتابع: "كنت أروي تلك المشاهد لوالديّ، يمتلكهما الفضول لمشاهدتها، هنا فكرتُ بحمل كاميرا لتصوير الحياة البحرية، والتقاط الصور بهدف إمتاعهما، وبدأت بكاميرا سوني بدون شاشة".

وتردف: "مع تكرار ممارسة التصوير تحت الماء، شعرت أنني أمتلك نظرة خاصة في التصوير تحت الماء، فطورت نفسي واستعنت بكاميرا أعلى جودة يمتلكها أخي، وبعدها ابتعت كاميرا بتقنيات عالية تسمح بالتصوير الأتوماتيكي، واليدوي أيضًا، لألتقط صورة ترضيني".

حصلت لينا في بداية مشوارها على دورات في الغوص حتى 10 و18 و40 مترًا طورت معها مهارات التصوير بالرغم من صعوبتها تحت الماء بسبب الحاجة للكثير المعايير الفنية اللازمة للحصول على صورة غير مشوشة.

وبهذه المهارات لم تكتف لينا بالغوص في البحر الأحمر فغطست في المحيط الهندي في أفريقيا وفي البحر الأبيض في لبنان وتونس، مؤكدة أنّ هدفها من الغوص في هذه الأماكن هو أنّ الرؤية تختلف عن البحر الأحمر وتكون أصعب للتحدي وهي بمثابة تدريب، فالتيارات أصعب بكثير والرؤية قليلة، مُبيّنة أنها مارست ١٧٠ غطسة وبعضها كان في ظروف صعبة.

معدات خاصة

وتذكر لينا أنها بعدما تلقّت المعارف ومهارات التصوير تحت الماء، وجدته أصعب من التصوير على اليابسة، لصعوبة التحكم بثبات الكاميرا بفعل التيارات المائية، واختلاف الإضاءة وضبطها، وانعكاس ضوء الشمس تحت الماء، وتكسُّر الضوء بسبب العمق وبالتالي يؤدي إلى تكسُّر الألوان، وتقل الإضاءة.

وتُوضّح أنّ تلك الصعوبات تُحتّم على المصور أن يدرك كيفية استخدام الفلاش، ونسبة الإضاءة المطلوبة، وسرعة الغلق، ونوع العدسة ليتمكن من التقاط صور مناسبة.

وابنة لفتة المهجرة شغوفة بالتصوير القريب جدًّا الذي يُعرف باسم "الميكرو فوتوغرافي" لوجود كائنات صغيرة جدًّا تحت الماء ذات ألوان زاهية، ومن الصعب التقاطها بالكاميرات العادية.

وتلفت إلى أنّ التصوير تحت الماء يتطلب معدات خاصة، فالكاميرا التي تحملها عبد الله تتحمل ضغط الماء حتى 10 أمتار دون حافظة، بعدها لا بد من حافظة تحميها من ضغط الماء من عوامل الملوحة.

وتؤكد لينا أنها تُمارس الغطس بدافع الترويح عن النفس والخروج من ضغوطات الحياة والعمل، "الماء هو المكان الوحيد الذي أنسى فيه كلّ شي، ولا أفكر سوى بالجمال الأخّاذ الذي أعطانا ربُّنا إياه والذي يجعلني أتساءل دومًا عما تُخبّئه الكرة الأرضية من أسرار، تُشكّل المياه 70% من مساحتها".

وتمضي إلى القول: "ما تشاهده في أعماق المياه تجعلك تدرك عظم المملكة الإلهية وتُعمّق إيمانك بالخالق".

المشاركة الأولى

من المشاركة الأولى في مثل المسابقة العربية للتصوير تحت الماء، حصلت لينا على ذهبيّتين، بالرغم من الخوف الذي تملّكها وسط مشاركة ذوي الخبرة والمعدات والتقنيات من دول العالم العربي، مبينة أنّ هدفها من المشاركة كان الاستفادة من خبرة المشاركين وأيضًا الاستمتاع بهذه المشاركة ولم تكن مُتوقّعة الفوز.

أقيمت المسابقة في مارس/ آذار الماضي على مدار يومين وضمت أربع فئات للتصوير هي: الفئة الأولى هي الزاوية الواسعة، والفئة الثانية زاوية واسعة مع غواص، والفئة الثالثة هي ثيمات (خلفيات)، حيث المتحف العسكري الموجود في مياه العقبة، والفئة الرابعة التصوير الدقيق جدًّا".

ونافست لينا في ثلاث فئات باستثناء ثيمات المتحف، فالرؤية هناك صعبة بسبب التيارات الكبيرة، مشددة على متعة هذه المسابقة والروح الرياضية الكبيرة بين المتنافسين ومساعدتهم لبعضهم البعض.

وتطمح بالتطور أكثر وبالحصول على شهادات أخرى وأهمها أستاذ في الغوص، والتي بها تَعَلُّم لبعض المهارات الصعبة جدًّا والتي لها علاقة بالطوارئ تحت الماء، متمنية أن يكون لديها القدرة على التحديث وزيادة نجاعة المعدات التي لديها لتطوير تصويرها بشكل أكبر.