فلسطين أون لاين

سيخسر اقتصاد القطاع مليون دولار شهريًّا

"الأغذية العالمي" يوقف مساعداته عن 200 ألف فقير في الضفة وغزة غدًا

...
غضب شعبي لوقف برنامج الأغذية العالمي (WFP) "القسائم الشرائية"
غزة/ رامي رمانة:

قرر برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة (WFP) إيقاف مساعداته الغذائية عن (200) ألف فقير في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر منذ 16 عامًا، وذلك بدءًا من غد، بذريعة عدم توفر التمويل اللازم.

وسيترتب على هذه الخطوة الفجائية اتساع فجوة انعدام الأمن الغذائي في المجتمع الفلسطيني، واتساع رقعة الفقر، علاوة على ذلك سيكون لها تداعيات اجتماعية وصحية خطيرة، وفق مراقبين.

وكان برنامج الأغذية العالمي قد أرسل في 8 مايو/ أيار الجاري رسائل للمنتفعين تخبرهم بتوقف المساعدة عنهم مطلع يونيو/ حزيران المقبل، بادّعاء نقص الموارد، وأنّ مساعدة البرنامج ستقتصر على الأفراد الأكثر احتياجًا وهشاشة.

ثم تبع ذلك إعلان رسمي عن البرنامج بوقف المساعدة عن 200 ألف فرد، وذهب البرنامج لأبعد من ذلك بالتلويح بتعليق جميع عملياته بالضفة الغربية وقطاع غزة في أغسطس/ آب المقبل إذا لم يتلقَّ أيّ تمويل.

ووفق بيانات برنامج الأغذية العالمي لمارس/ آذار الماضي بلغ عدد المستفيدين من البرنامج في فلسطين 380 ألف فرد، 150 ألف فرد في الضفة الغربية و230 ألف فرد في قطاع غزة، يحصلون على قسائم شرائية، إذ يحصل الفرد على مبلغ 35 شيقلًا شهريًّا.

اقرأ أيضًاغضب شعبي لوقف برنامج الأغذية العالمي (WFP) "القسائم الشرائية"

وأكد الاختصاصي الاقتصادي د. محمد نصار أن أي تعليق أو إيقاف للمساعدات المقدمة من المؤسسات الدولية في قطاع غزة دون توفير بدائل يؤدي إلى اتساع فجوة انعدام الأمن الغذائي للأسر الفقيرة كنتيجة طبيعية لعدم وجود الدخل الكافي لها.

وعدَّ نصار في حديثه لصحيفة "فلسطين" قرار تعليق برنامج الأغذية العالمي المساعدة مخالفة صريحة لما جاء في الهدَفين الأول والثاني من أهداف التنمية المستدامة 2030.

وبيَّن أنّ برنامج الأغذية العالمي يضخ في اقتصاد قطاع غزة نحو (2.2) مليون دولار شهريًّا، وأنه بعد تعليق المساعدة سيخسر اقتصاد غزة نحو مليون دولار شهريًّا، عدا عن أن توقُّف البرنامج سيُفقد عشرات الموظفين العاملين في البرنامج وظائفهم، كما سيتضرر أكثر من 200 سوبر ماركت ومحل تجاري متعاقدين مع البرنامج في صرف القسائم الشرائية للمنتفعين.

وبدأ برنامج الأغذية العالمي العمل في فلسطين منذ عام 1991 حيث يوفر المساعدات الغذائية للسكان الأشد فقرًا ويقدم الخبرة الفنية للوزارات والشركاء الآخرين، ويدعم الجهود الحكومية لمكافحة الفقر.

وبينت الإدارة العامة للتخطيط والتعاون الدولي بوزارة التنمية الاجتماعية أنّ تعليق البرنامج جاء مفاجئًا دون إشارات سابقة أو تنسيق مسبق مع شركاء البرنامج، لا سيما بعد رفع البرنامج قيمة المساعدة النقدية إلى (42) شيقلًا للفرد بسبب موجة الغلاء العالمية.

وأضافت الإدارة العامة في ورقة موقف، اطّلعت صحيفة "فلسطين" عليها، أنّ برنامج الغذاء العالمي أرسل رسائل مباشرة للمستفيدين دون تنسيق مع شركاء البرنامج وهي سابقة لم تحدث قبل، بل إنّ البرنامج اختار الحالات التي يمكن أن تستمر أو تلك التي سوف تُوقف دون أيّ تنسيق مع الشركاء، ما يعد خرقًا للاتفاقيات.

وأشارت إلى أنّ فقراء قطاع غزة يوفّرون احتياجاتهم الأساسية بخمسة برامج، اثنان منها للمساعدات النقدية، واثنان للمساعدة التموينية، والأخير برنامج طارئ.

اقرأ أيضًا: برنامج الأغذية العالمي: غزة بحاجة لـ(14) مليون دولار بشكل عاجل

ووِفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإنّ نسبة الفقر في قطاع غزة بلغت (60%) كما بلغت نسبة البطالة قرابة (45.3%)، وأكثر من (63%) يعانون انعدام الأمن الغذائي.

وأظهرت الأرقام الصادرة عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" أنّ (80%) من سكان قطاع غزة يعتمدون على المساعدات الدولية.

من جانبه بيَّن مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا أنّ إيقاف المساعدات يترتب عليه أزمات نفسية واجتماعية عميقة لدى معظم الأسر التي سارعت إلى تنظيم وقفات احتجاجية رفضًا للقرار.

وبيَّن الشوا في حديث لـ"فلسطين" أنّ غالبية الأسر المستفيدة من برنامج الأغذية العالمي هم مرضى وكبار سن، ومعاقون، وأرامل ومطلقات، مُنبهًا إلى تنامي المخاوف بزيادة تعرض الإناث للعنف الأسري والاستغلال لعدم تمكنُّهنّ من توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهن، وشعور الأطفال بالحرمان لعدم قدرة أرباب الأسر على توفير احتياجاتهم الأساسية التي يتمتع بها أقرانهم من المراحل العمرية نفسها.

في السياق تتابع مؤسسات حقوقية في قطاع غزة بقلق شديد، تبعات توقُّف المساعدات على الأسر المستفيدة.

وبيّن مدير وحدة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان د. فضل المزيني أنّ قرار وقف المساعدة الغذائية سيتسبب بخرق في حق الفرد بالحصول على الغذاء، داعيًا أسرة المجتمع الدولي إلى الوقوف عند مسؤولياتها، والالتزام بتقديم المساعدات الإغاثية والتنموية للفلسطينيين.

ونبَّه المزيني في حديث لـ"فلسطين" إلى تسبب إجراءات سلطات الاحتلال في زيادة إفقار المجتمع الفلسطيني، مطالبًا بالضغط عليها لوقف حصارها ورفع القيود عن المنافذ لحرية تنقل الأفراد والبضائع، ووقف الأعمال العدائية المتجددة بين فترة وأخرى بحق المدنيين.