اتهم غسان بنات السلطة والمحكمة العسكرية الخاصة بمحاكمة قتلة شقيقه المعارض السياسي نزار بنات بـ"المماطلة وسرقة الوقت والدخول بمرحلة تزوير البيّنات" من خلال جلب طبيب من الأردن يدعى "ع.ع".
وقال بنات في مقابلة خاصة مع صحيفة "فلسطين"، عقب تأجيل المحكمة العسكرية جلسة محاكمة 14 ضابطًا وعنصرًا من جهاز الأمن الوقائي إلى 11 يونيو/ حزيران المقبل: "إن الطبيب الأردني مفصول من وظيفته ومنقول نقلًا تأديبيًا لوظيفة إدارية، ولا يعرف نزار ولم يشارك في تشريح جثمانه".
وأضاف أن السلطة جلبت "ع.ع" بعدما فشل الطبيب السابق "ص.ع" في تقديم أي بينة، مشيرًا إلى أن تقرير التشريح صادر عن جهة رسمية، والذي عاين الجثة حسب الأدلة الجنائية وأثبت أن سبب وفاة نزار هو ضربات متعددة في فترة زمنية محددة على الجسم بواقع 24 بند إصابة على مساحة 22% من القسم العلوي للجسم بما فيها استخدام الغاز والصواعق الكهربائية.
واستهجن موافقة موظف أردني على طلب "الوقائي" بتقديم تقرير "خبرة" عن جثة لم يشاهدها أو يشارك في تشريحها، وذلك بعد سنة ونصف من اغتيال نزار بنات في 24 يونيو 2021، مطالبًا الحكومة الأردنية بتفسير هذا التدخل من كيان سياسي مجاور استخدم أحد موظفيه.
وأضاف أنه إذا كان هذا التدخل تم بعلم وموافقة الحكومة الأردنية، من الأولى أن تحقق العدالة لأحد مواطنيها لأن نزار يحمل الجنسية الأردنية برقم وطني (9781007098) ودرس في مدارسها وجامعاتها وخدم في جيشها العربي ضمن تشكيلات الجيش الشعبي.
متابعة دولية
وأوضح بنات أن قرابة 122 شخصية من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية حضرت جلسة المحاكمة التي أجلتها المحكمة إلى أسبوعين قادمين منهم شخصيات حقوقية كندية وأعضاء بنقابة المحامين الأمريكية، مؤكدًا أنه لولا خوف السلطة من الضغط الدولي لباعدت الجلسات إلى ثلاثة أشهر بين كل جلسة وأخرى.
وأفصح أن العائلة تتواصل مع المحكمة الجنائية الدولية وتزودها أولًا بأول بجميع تصرفات السلطة داخل المحكمة، وتعهد أنه في حال فشل القضاء الفلسطيني برام الله في تحقيق العدالة، فسيتم جلب المتهمين للعدالة الدولية، وهذا ما يلزمه متابعة وحضور دولي وبكل الجلسات وجمع أدلة وإصدار تقارير أولًا بأول.
وعدّ بنات الحضور الدولي الواسع لجلسات محكمة قتلة شقيقه دليلًا على عدم ثقة المجتمع الدولي بالسلطة ونظامها القضائي، وأنه لا يقبل على نفسه استخدام الأموال في قتل المعارضين، ويعكس مدى أهمية القضية على مستوى المؤسسات الدولية، ويعكس صدق رواية العائلة وبيناتها.
اقرأ أيضاً: مجموعة حقوقية: السلطة تحاكم عمدًا قتلة نزار بنات في يوم عطلة المؤسسات الحقوقية
وحول استمرار تأجيل الجلسات، اتهم بنات قضاء السلطة بالتسويف وشراء الوقت بنية إماتة القضية، بدليل أن العائلة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2021 قدمت بيانات احتوت على 25 شاهدًا وآلاف الوثائق وعشرات مقاطع الفيديو وتقارير الطب الشرعي والتشريح، فيما لم تقدم السلطة من يناير/ كانون الثاني 2022 إلا شهادة واحدة مزورة وهذا يعكس حجم الفجوة.
وشدد على أن مطلب العائلة يتمثل بمحاكمة جميع المستويات السياسية والأمنية بالسلطة التي أصدرت قرار جريمة اغتيال نزار، مبيّنا أن السلطة تؤمّن الحماية للمتهمين وأن ثلاثة منهم تزوجوا خلال ثلاثة أشهر، وهذا "ما لا يمكن فعله إلا إذا كان لديهم حكم مسبق من السلطة بالبراءة بغض النظر عن المحكمة".
رد طبيب التشريح
وأشار إلى أن العائلة طلبت إصدار رد يفنّد ادعاءات الطبيب الأردني من الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان والدكتور سمير أبو زعرور وهو طبيب شرعي ورئيس قسم التشريح في وزارة العدل (سابقًا) والذي حضر عملية التشريح في معهد الطب العدلي في جامعة القدس في أبو ديس كممثل عن الهيئة إضافة لزميل آخر ولجنة طبية من معهد الطب العدلي.
واطلعت صحيفة "فلسطين" على توضيح أصدره د. أبو زعرور مكون من تسع صفحات، يؤكد فيه أن سبب وفاة نزار بنات ناجم عن الاختناق الناجم عن وجود كميات كبيرة من السوائل المخاطية الثخينة المدممة داخل النسيج الرئوي والقصبات التنفسية مما أدى إلى الاختناق، بفعل كدمات ورضوض كانت بأحجام وأشكال عديدة ناجمة عن التعرض للضرب بأدوات صلبة بمناطق عديدة من الجسم.
وفند أبو زعرور ادعاءات الطبيب الأردني بأن "السبب المباشر للوفاة يعود إلى توقف عمل القلب والرئتين، وأن هناك عدم دراية من الطاقم الطبي الذي أشرف على التشريح بعدم المقدرة على التمييز بين الكدمات الحيوية والزرقة الرمية".
وبين أبو زعرور أن الادعاء بأن الوفاة نجمت عن توقف "عمل القلب والرئتين" غير دقيق لأنها عبارة تكتب في كل شهادة وفاة وتعبّر عن آلية الوفاة وليس سببها، فأي إنسان يتعرض للوفاة سواء وفاة طبيعية أو جنائية فإن البند الأول يكتب في تبليغ الوفاة هو "توقف عمل القلب والرئتين".
وأكد أنه في حالة نزار "فإننا لم نشاهد أي جروح طعنية من شأنها أن تؤدي إلى نزيف داخلي سواء بالصدر أو البطن ولم نشاهد كسورًا في عظام الجمجمة تؤدي إلى الصدمة النزفية التي تؤدي للوفاة، وبالتالي اعتبار الوفاة نتيجة توقف عمل القلب كلامًا غير دقيق".