الفوز الكاسح للرئيس الطيب أردوغان جاء رغم كل التحديات والعقبات وعلى رأسها الزلزال المدمر والهزات الاقتصادية، ومنها التضخم المتزايد وسعر الليرة المتناقص وغلاء الأسعار التي ما اجتمعت على مرشح إلا وأهلكته؛ إلا أن الطيب أردوغان يمثل شيئًا أعمق في قلوب الأتراك، وهو تعبيره وتقديمه لمسألة الهوية التركية والتقاليد والوطنية التركية الحضارية، وهذا ما تؤيده بعض الاستطلاعات التي دعمت موضوع الاقتصاد ثانيًا أو ثالثًا بعد الموضوع الأهم وهو الإرهاب المدعوم من حزب الشعوب الديمقراطي واليسار الأخضر.
إضافة إلى ذلك فقد أدرك الشعب التركي ما كان يحاول أبواق الغرب والمعارضة أن يخفوه أو يشوهوه، وهو أن المشكلة الاقتصادية في تركيا لا تنبع بالدرجة الأولى وحتى الثانية من السياسات الحكومية، على ما فيها من عثرات هنا أو هناك، إنما من أزمة عالمية، ولا يقل أهمية عن ذلك، فقد أكد الشعب التركي على ما يمثله أردوغان بالنسبة لهم وهو عزة ومكانة تركيا الدولية من جهة وأخلاقية توجهات أردوغان في سياساته الداخلية والخارجية، ومنها تعامله مع موضوع اللاجئين السوريين وغيرهم.
ومن أهم عوامل فوز أردوغان هو المعارضة الهشة والمتناقضة والمتقلبة، فلا يوجد منافس حقيقي للسيد أردوغان، وقد صدق من قال إن تحالف الجمهور احتفل أكثر من تحالف الشعب عند اختيارهم لكمال كليجدار أوغلو مرشحًا للرئاسة. فهل تكون هذه الجولة من الانتخابات هي نهاية عهد كليجدار أوغلو أم أنه سيصّر ويستمر؟
قد يكون الشعب الفلسطيني والقدس والأقصى هو من أكبر الرابحين من فوز أردوغان الكاسح في انتخابات الرئاسة، فمواقفه تجاه الفلسطينيين من ألوان الطيف الفلسطيني كافة هي مواقف إيجابية ترضي السلطة والحركة الإسلامية على حد سواء، ولا يعني هذا عدم وجود تحفظات على السياسة التركية تجاه إسرائيل؛ إنما يعني أن الرئيس أردوغان هو الخيار الوطني التركي الأفضل بالنسة لفلسطين والقضية الفلسطينية.
وعلى كل الأحوال فقد فاز الشعب التركي والديمقراطية التركية والنموذج التركي فهي الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، وهي بهذا تكسر الرواية الصهيوأمريكية بأن إسرائيل المستوطنة هي واحة الديمقراطية في الشرق الأوسط من جهة، أن الإسلام والديمقراطية لا يلتقيان.
فهنيئًا للأتراك بنصرهم وهنيئًا للأمة الإسلامية بهذا النموذج.