فلسطين أون لاين

تقرير عقبة جبر.. امتداد للمقاومة في أريحا يسعى الاحتلال لاجتثاثه

...
صورة لمقاومي القسام في مخيم عقبة جبر
أريحا-غزة/ أدهم الشريف:

عند مشاهدة حجم قوات جيش الاحتلال المدججة بالأسلحة والآليات العسكرية وهي تداهم مخيم عقبة جبر بمدينة أريحا شرقي الضفة الغربية المحتلة تدرك المساعي الإسرائيلية لاجتثاث حالة المقاومة المتواصلة في تلك المنطقة، خشية انتقالها إلى مناطق أخرى.

 

لكن المواجهة في المخيم الذي يأوي لاجئين من عدة بلدات فلسطينية مهجرة، كانت مغايرة تمامًا لتوقعات جيش الاحتلال، إذ باءت محاولاته لاعتقال واغتيال عدد من عناصر المقاومة بالفشل، في إثر تصدي الجميع هناك للاقتحام بوسائل عديدة.

 

وروى شهود عيان لصحيفة "فلسطين" تفاصيل المعركة التي خاضتها مجموعات المقاومة في المخيم ضد قوات الاحتلال الخاصة وتعزيزاته العسكرية.

 

ففي تمام الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء الأربعاء الماضي، كان كل شيء على ما يرام قبل أن تقتحم قوة خاصة متخفية المخيم وتصل إلى منتصفه لاستهداف من يصفهم جيش الاحتلال بـ"المطلوبين"، حسب إفادة عادل أبو نعمة الذي يعمل صحفيًا ويسكن في عقبة جبر.

 

لم يمر وقت طويل حتى كُشف أمر القوة الخاصة، لتخوض مجموعة من المقاومين اشتباكًا مسلحًا معها حال دون تمكنها من تنفيذ الأهداف التي جاءت لأجلها في إطار محاولات جيش الاحتلال المتكررة لاغتيال المطاردين بالضفة الغربية، وفق أبو نعمة.

 

وفشل قوات الاحتلال دفعها إلى ضخ المزيد من التعزيزات العسكرية إلى مخيم عقبة جبر، إذ اقتحمت أكثر من 100 آلية ما بين جيبات عسكرية محملة بالجنود وجرافات وآليات أخرى المخيم بمشاركة قرابة 500 جندي، ليحولوا المنطقة إلى ثكنة عسكرية.

 

لم يمر ذلك دون اشتباك المقاومين مع قوات الاحتلال، إذ أطلقوا النيران باتجاه جنودها من عدة مناطق، تزامنًا مع مواجهات خاضها أهالي المخيم عند مداخله للتغطية على المقاومين ومنحهم فرصة الانسحاب.

 

وخاض الأهالي مواجهاتهم مع جيش الاحتلال بالحجارة وزجاجات "المولوتوف" الحارقة، الأمر الذي ساهم في تشكيل غطاء لأفراد المقاومة.

 

وذكر أبو نعمة أن جنود الاحتلال داهموا عشرات المنازل وعاثوا فيها فسادًا ومارسوا الاعتداء والاعتقال، وأطلقوا الرصاص عشوائيًا على كل من تواجد في مخيم عقبة جبر، ما أدى إلى إصابة 14 شابًا بالرصاص الحي، نقلوا في إثرها بمركبات خاصة إلى المستشفيات لتلقي العلاج بسبب منع الجنود مركبات الإسعاف من الوصول إلى المصابين، في حين اعتقلت 14 مواطنًا آخرين.

 

ونبه إلى أن عدوان جيش الاحتلال استمر حتى الساعة الرابعة والنصف فجر أمس، بواقع 5 ساعات من الاشتباكات والاعتداءات على المواطنين في منازلهم.

 

وعدّ أبو نعمة أن جيش الاحتلال فشل في تحقيق هدفه باعتقال واغتيال عدد من المقاومين في مخيم عقبة جبر، مبينًا أن الاحتضان الشعبي للمطاردين أمَّن انسحابهم بعد اشتباكات عنيفة خاضوها ضد القوات الخاصة وتعزيزات الاحتلال العسكرية.

 

امتداد المقاومة

اقرأ المزيد: الفتى جبريل اللدعة.. ثائر "عقبة جبر" يحقق أمنيته بالشهادة

ولفت الناشط في اللجان الشعبية بمنطقة الأغوار أيمن غريِّب إلى أن وجود المقاومة في أريحا يشكل امتدادًا مهمًّا بعدما تصاعدت وتيرتها في جنين ونابلس وما رافق ذلك من تشكيل مجموعات تضم عشرات الفدائيين ومنها عرين الأسود وكتيبة جنين.

 

وأوضح غريب لـ"فلسطين" أن الاحتلال كان يتعامل مع منطقة الأغوار بما فيها مدينة أريحا على أنها من المناطق الهادئة، لكن في المرحلة الأخيرة بدأ يكثف نشاطه العسكري والأمني لملاحقة مطلوبين في مخيم عقبة جبر وغيره من القرى والبلدات هناك، وذلك مع امتداد حالة المقاومة.

 

ويقع المخيم جنوب غرب مدينة أريحا على مسافة 3 كيلومترات من مركزها، وتأسس بعد النكبة الفلسطينية عام 1948 على مساحة تقدر بنحو 1689 دونمًا، وقد أصبحت الآن 689 دنمًا بسبب جرائم الاستيلاء والاستيطان الإسرائيلية المستمرة.

 

ونبّه غريِّب إلى أن انتهاكات جيش الاحتلال في عقبة جبر هذه المرة تشكّل عقابًا جماعيًا لأهالي المخيم كافة، في إطار السياسة الإسرائيلية المتبعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة الضفة الغربية.

 

وبسبب عدم قبول أبناء شعبنا بالظلم والقهر وانسداد الأفق السياسي أمامهم، لجؤوا إلى تشكيل مجموعات مقاومة بجميع الطرق والوسائل، وقد اتخذوا من عقبة جبر ملجأ لهم وأصبح مصدر قلق يؤرق الاحتلال، وفق غريِّب.

 

وأكمل أن شعبنا يزداد إصرارًا على النضال والمقاومة، بالرغم من عدوان جيش الاحتلال الذي يطال المدنيين قبل المقاومين المطاردين، مؤكدًا أن محاولات الجيش لترويع المواطنين وإذلالهم لن تنجح، بل سيواصل شعبنا النضال حتى نيل حريته وتحقيق أهدافه بدولته المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس.

 

يشار إلى أن عدد اللاجئين المسجلين لدى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا" في مخيم عقبة جبر قبل عدوان 1967 بلغ 30 ألفًا ينحدرون من قرابة 30 قرية شمال حيفا المحتلة، إضافة إلى مناطق غزة والخليل، الأمر الذي جعل المخيم هو الأكبر في الضفة الغربية في ذلك الوقت، وفق ما توثقه مصادر رسمية.

 

لكن بعد العدوان تقلص عدد سكان المخيم بسبب حركة النزوح الواسعة التي شهدها باتجاه الأردن وسوريا ولبنان ودول أخرى؛ إذ بلغ عدد النازحين نحو 28 ألف نسمة.

 

وفي 1987 بلغ عدد سكان المخيم وفق تقديرات "أونروا" نحو 2619 نسمة، ينحدرون من قرى دير الدنام، وعجور، والمسمية، والعباسية، وبيت جبرين، وتل الصافي، وبيت دجن، ويازو، وكفر عنا.

 

وبحسب تقديرات الإحصاء الفلسطيني يبلغ عدد سكان المخيم حتى منتصف 2023 قرابة 9904 لاجئين.