يمثل فوز الكتلة الإسلامية بانتخابات مجلس الطلبة بجامعة بيرزيت صفعة للنهج السياسي للسلطة ومسارها، وعقابًا من الطلاب لها، بعد أن أضافت الشبيبة الفتحاوية هزيمتين جديدتين إلى سجلها بخسارتها انتخابات مجلس الطلاب بجامعة النجاح الوطنية الأسبوع الماضي، بحسب محللين سياسيين.
وفازت الكتلة الإسلامية، الذراع الطلابية لحماس، بانتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت بفارق 942 صوتًا عن كتلة الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح، بواقع 25 مقعدًا، و20 مقعدًا للكتلتين على التوالي.
ويعد الفوز بجامعة بيرزيت مقياسًا يعكس مزاج الشارع الفلسطيني وميزان القوى السياسية فيه، ولطالما حظيت -حسبما يرى محللون سياسيون تحدثوا لصحيفة "فلسطين"- بأهمية تاريخية كبيرة، مشيرين إلى أن فوز الكتلة الإسلامية يمثل استفتاءً شعبيًا على خيار المقاومة، ورفضًا لنهج السلطة وحركة فتح وسلوكهما السياسي في التنسيق الأمني مع الاحتلال وملاحقة المقاومين، والتفرد بالقرار الوطني.
"ضربتين بالراس بتوجع" مثل شعبي يضرب لمن يساء من شخص مرتين، أو يقع في مصيبتين، يراه المحللون السياسيون يجسد حال الشبيبة الفتحاوية بعد خسارتها المدوية بجامعة بيرزيت، من الخصم ذاته (الكتلة الإسلامية).
فقبل أسبوع فاز الجناح الطلابي لحركة حماس بانتخابات مجلس اتحاد طلبة جامعة النجاح الوطنية بنابلس، فحصلت الكتلة الإسلامية على 40 مقعدًا، مقابل 38 مقعدًا للشبيبة الفتحاوية، وهي أول انتخابات تنعقد بعد غياب استمر ست سنوات.
وإضافة للفوزين الجديدين كانت الكتلة الإسلامية قد حققت فوزا مريحا بانتخابات مجلس طلاب جامعة بيرزيت العام الماضي، بعد أن اكتسحت انتخابات مجلس الطلاب فحصلت على 5068 صوتًا (28 مقعدًا)، في حين حصلت كتلة الشهيد ياسر عرفات التابعة لحركة فتح على 3379 صوتًا (18 مقعدًا).
انفضاض عن "أوسلو"
النتيجة تعني بشكل أو بآخر، وفق الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف، أن الشعب آخذ بالانفضاض عن فريق ونهج "أوسلو"، حيث تشكل حالة التراجع التي يحققها من يقبلون أن يحسبوا على نهج السلطة ثمنًا يدفعونه للأخطاء التي تمارسها السلطة، سواء بممارسة الاعتقال السياسي أو بالركض وراء الأوهام والاستجداء التي تجسدت في كلمة رئيس السلطة محمود عباس الأخيرة في الأمم المتحدة.
وعد عساف لصحيفة "فلسطين" أن نتائج الانتخابات الطلابية للجامعات الفلسطينية مؤشرًا على اتجاهات الرأي العام الفلسطينية، معتقدًا أن السلطة والممسكين بالقرار الرسمي سيظلون يرفضون إجراءات الانتخابات الشاملة لأنها ستعزلهم ولن تبقي لهم النفوذ والمصالح التي يتحكمون من خلالها بمصير الشعب الفلسطيني.
وشدد على أنه ينبغي أن تدفع هذه النتائج كل المعنيين للضغط لإجراء الانتخابات العامة (الرئاسية والتشريعية)، وأن تشكل مزيدًا من الثقة بخيار المقاومة والمعارضين لنهج السلطة، وهي مؤشرات على أن المستقبل للنهج المقاوم الذي يرتكز على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية بعيدًا عن نهج الاستسلام والتفريط.
وبالرغم من أهمية نتائج انتخابات مجلس الطلاب كمؤشر على الاستفتاء الشعبي لخيار المقاومة، فإن عساف يلفت الانتباه إلى أن الاستفتاء متجسد في صورة حشود المشيعين لجنازات الشهداء كذلك.
وبشأن إن كانت هذه النتائج ستدفع السلطة لتعديل مسارها السياسي وسلوك أجهزة أمنها، قلل عساف من أن تستخلص الدروس والعبر؛ لأن "مصالحها طاغية"، وقال: "حين تتقدم المصالح فإن الهم العام يتراجع، بل إن مثل هذه النتائج تدفعها للمزيد من التغول الأمني واستشراء الفساد في كل دوائرها".
اقرأ أيضاً: "دائرة الجامعات": فوز الكتلة انعكاس لحالة الاستقطاب حول العمل المقاوم
ودفعت الشبيبة، كما رأى عساف، ثمن التصاقها بالسلطة وأجهزة أمنها التي تستهتر بحقوق الإنسان من خلال ممارسة القمع والاعتقال لكل مخالفي الرأي السياسي للسلطة، فضلا عن تدخل أجهزة الأمن في أوساط الطلبة.
تجذر حماس بالضفة
في حين يعتقد الكاتب والمحلل السياسي ساري عرابي أن فوز الكتلة الإسلامية بانتخابات جامعة بيرزيت للعام الثاني على التوالي بعد فوزها بانتخابات جامعة النجاح قبل أيام، يؤكد أن حماس متجذرة بين الجماهير الفلسطينية في ساحة الضفة الغربية.
وقال عرابي لصحيفة "فلسطين": "إن كل محاولات إقصاء الحركة وإزاحتها من وجدان الجماهير والمجال العام فشلت، وذلك بالرغم من الحملات المركزة والمكثفة التي يمارسها الاحتلال على عناصر الحركة وكوادرها وكل قطاعات العمل بما في ذلك الحركة الطلابية".
ولفت إلى أنه بعد معركة عام 2014 بدأت حماس تسترد مكانتها في ساحة الضفة والجامعات الفلسطينية، ثم تعزز ذلك بعد معركة "سيف القدس" في مايو/ أيار 2021، معتبرًا فوز الكتلة فوزًا لخيار المقاومة والتفافًا للجماهير حوله.
كذلك يشير الفوز، وفق عرابي، إلى انفضاض الجماهير عن حركة فتح بالرغم من أنها تقود السلطة التي بدورها تسخّر كل أجهزتها وإمكاناتها لدعم الشبيبة الفتحاوية، ويدلل على أن هناك موقفًا نقديًا من الجماهير لسياساتها.