حذرت أوساط فلسطينية من ارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة، في أعقاب تلويح مؤسسات دولية بوقف مساعداتها من جانب، واستمرار فرض الاحتلال حصاره وتعطيل العملية الإنتاجية بجميع مكوناتها من جانب آخر.
وطالبت في أحاديث منفصلة مع صحيفة "فلسطين"، أمس، المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الكاملة، والإسراع في تقديم المساعدات الإغاثية والمشاريع الإنتاجية، ووضع حد لهيمنة الاحتلال على الموارد الطبيعة، وتحكمه بالمعابر التجارية.
يأتي ذلك في أعقاب اعتزام برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تعليق مساعداته بداية من يونيو/ حزيران المقبل.
ويُقصد بالأمن الغذائي: توفر الاحتياج الكامل من الطعام والشراب للشخص، للحفاظ على حالته الصحية، وقدرته الإنتاجية على مدار العام.
وتُعد قدرة المجتمع على توفير الغذاء في الأسواق من الإنتاج، ولا سيما المحلي مقومًا أساسيًّا للأمن الغذائي.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. رائد حلس: "لا شك أن التلويح بوقف أو تعليق المساعدات الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي، والذي يخدم نحو 200 ألف أسرة فلسطينية له تداعيات ثقيلة على قطاع غزة، وبخاصة الأسر الفقيرة التي تعتمد على المساعدات الغذائية".
وأضاف حلس أن قرار التوقف من شأنه أن يترك تأثيرات سلبية على القطاع، تتمثل في اتساع دائرة الفقر، وارتفاع نسبة انعدام الأمن الغذائي، إذا ما علمنا أن نسبة الفقر 53%، ونسبة انعدام الأمن الغذائي بغزة 64.4%.
ودعا "جميع الأطراف" إلى الضغط على برنامج الغذاء العالمي، للعدول عن هذا القرار تفادياً لحدوث أزمة إنسانية في القطاع الذي يعاني أصلاً من تردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع غير مسبوق في مستويات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي؛ نتيجة العديد من العوامل والأسباب، أهمها: الاحتلال، وإجراءاته القمعية، وتواصل الحصار.
وبين حلس أن الحكومة يقع على مسؤوليتها دعم القطاع الزراعي، وتوفير الغذاء بالشراكة مع مؤسسات القطاع الخاص، ومؤسسات المجتمع المدني لها دور يتمثل في مواصلة الضغط والمناصرة لحشد التمويل للمشاريع ذات العلاقة بتحسين الأمن الغذائي، مشيراً إلى دور الجامعات في تخصيص مساحة كافية للبحث العلمي، الذي من شأنه زيادة الإنتاجية، وابتكار تقنيات زراعية جديدة تؤدي إلى تحسين الأمن الغذائي.
برامج تنموية
من جهته أكد المختص في الشأن الاقتصادي محمد سكيك أهمية الديمومة في التدخلات المقدمة للأسر الفقيرة، وأن ذلك يأتي عبر تقديم مشاريع وبرامج تنموية، تعود بالفائدة لأطول فترة زمنية، لا أن ينتهي أثرها بانتهاء تنفيذ المشروع أو التدخل.
وحث سكيك المؤسسات التي تحذر من توقف مشاريعها لتراجع التمويل، أن تكثف من تحشيدها وتشبيكها مع الجميع لتجاوز توقف أو تقلص الخدمات الإغاثية والإنعاشية، وألا تبقى مكتوفة الأيدي، مؤكداً أن انتهاء أي برنامج مساعدة غذائي يعني تضرر أسر معيلة في مجتمع غزة الذي يتعرض لحصار إسرائيلي منذ أكثر من 16 عاماً.
بدورها أكدت جمعية الإغاثة الزراعية، أهمية دعم المشاريع الصغيرة الموجهة للأسر الفقيرة، والخريجين المتعطلين عن العمل، لتحقيق عدة أهداف في آن واحد، مثل توفير مصدر دخل محدود، وتطوير المهارات والخبرات.
وبينت مسؤولة الدعم والمناصرة في الجمعية نهى الشريف، أنه في الحالة الفلسطينية، ونظراً لهيمنة الاحتلال على جميع الموارد الفلسطينية، بات الاستثمار في العنصر البشري من المطالب الأساسية لمساعدة المواطنين على تأمين احتياجاتهم.
وأشارت إلى بعض المآخذ على المشاريع الإنتاجية والتنموية المقدمة من المؤسسات، وهي تكرراها، وعدم إيجاد حصة سوقية لها، ومنافسة المستورد لها.