فلسطين أون لاين

تقرير اقتصاديون: التوعية والعقوبات المشددة وسائل هامة للحدّ من التداول الوهمي

...
عملات رقمية
غزة/ رامي رمانة:

استغلّت أوساط تدعي التداول بالفوركس، والتسويق الهرمي والشبكي، والتدريب غير المنضبط على تداول العملات الرقمية، حاجة الأفراد في قطاع غزة لتعظيم أموالهم وأوقعتهم في شباك النصب والاحتيال.

وبالرغم من تحذير سلطة النقد، ووزارة الاقتصاد من تلك التداولات غير القانونية ونشاط الشركات والأفراد الوهمية إلا أنّ جهل البعض ورغبة البعض الآخر في تحقيق مكاسب سريعة ساهمت في توسُّع تلك الاحتيالات، ما يتطلب تكثيف الجهود لوضع حدٍّ لها، وإيقاع أقسى العقوبة بالمخالفين لأنظمة القوانين والتعليمات حماية لأموال الناس حسب مراقبين اقتصاديين.

ويُوضّح الاختصاصي الاقتصادي د. محمد نصار أنّ سبب التحذير من تداول العملات الرقمية، المخاطر المرتفعة جدًّا لكونها غير مضمونة من أيّ جهة كانت وهي عالية التذبذب الأمر الذي قد يلحق خسائر مالية فادحة بالمتعاملين بها.

وأضاف نصار لصحيفة "فلسطين" أنّ كل الجهات والأطراف التي تُقدّم وتتعامل بهذه العملات غير خاضعة أو مرخصة من أيّ جهة رقابية، مؤكدًا على تحذير مسبق لوزارة الاقتصاد بغزة، وسعيها لمحاربة كل الظواهر السلبية المرتبطة بالقطاع المالي، مثل التداول بالفوركس، التسويق الهرمي والشبكي، التدريب غير المنضبط على تداول العملات الرقمية.

ودعا نصار المواطنين للتروي وتغليب المصلحة العامة على المصلحة الفردية والبحث عن فرص الاستثمار قليلة المخاطر لأنهم عند حصول أيّ مشكلة -نصب واحتيال مثلًا- سوف يلقون اللوم على الحكومة لأنها لم تقم بحماية ممتلكاتهم.

وعدّ قرار وزارة الاقتصاد وتحذيرها، صائب مرحليًّا، ولكن يجب أن يتبعه إجراءات أخرى يمكن أن تبدأ بجهد مجتمعي مشترك بين الحكومة والأطر القانونية والقطاع الخاص ممثلًا بالشركات والأفراد الذين يمارسون هذا النشاط من أجل إطلاق لوائح تنفيذية ذات صفة إلزامية تُنظّم عمل الأنشطة المتاحة، وتعمل على رعاية مصالح جميع الأطراف بدءًا بالاقتصاد المحلي والمستثمرين الأفراد وكذلك الشركات العاملة في المجال.

ولفت نصار إلى أنّ منع تشغيل أموال المواطنين لا يمكن ضبطه أو مراقبته بشكل كامل، إذ يستطيع أيّ مواطن التداول عبر الانترنت ويمكن أن يقوم بالإيداع والسحب عبر الفيزا أو غيرها من الطرق، وأنّ عمليات النصب والاحتيال غالبًا تكون عبر مدير الحسابات أو الوكيل الذي يعمل نيابة عن المستثمر، وأنّ التداول مثله مثل أيّ استثمار يكون فيه ربح وخسارة.

وبيّن أنّ التداول والتعامل بالعملات الافتراضية يحمل مخاطر عالية جدًّا وبالتالي إنّ المجازفة تُعرّض مدخرات المواطنين للضياع بشكل كبير، ويرون بأنّ ضمان وحماية مدخرات الناس أولى من جلب المصلحة الفردية، ولا سيما أنّ مختلف الشرائح بالعموم في غزة ليس لديها الدراية والخبرة في دهاليز التداول في العملات الافتراضية والمُشفّرة.

بدوره قال الاختصاصي الاقتصادي د. محمد بربخ: أنّ الحدَّ من عمل هذه الشركات يتطلّب التوعية من الجهات المالية الرسمية عن طبيعة الاستثمارات الآمنة، وسؤال الجهات الرسمية والإشرافية على عمل الشركات وهل هي مُسجّلة لدى وزارات الاختصاص إلى جانب مراجعة العقود لدى الدوائر القانونية المختصة لمعرفة ثغراتها.

 وبيّن بربخ لصحيفة "فلسطين" أنه لا يوجد استثمار يعطي نسب ربح ثابتة، كما لا يوجد مضاربة في التجارة الإلكترونية دون تحديد طبيعة التجارة وشكلها ثم بعد ذلك يتم تقييدها أو إطلاقها، كما أنّ خبرة المختصين في مجال العملات الرقمية غير كافية وما زال خبراء الاقتصاد يعتبرونها فقاعة، لافتًا إلى سلوك عمليات متشابهة في كلّ الحالات باختلاف الأساليب.

وكانت وزارة الاقتصاد الوطني في غزة أصدرت قرارًا يمنع أيّ شركة أو أيّ جهة من التعامل في مجال التداول والعملات الرقمية بتشغيل أموال المواطنين، ويأتي هذا القرار مكملًا لسلسلة من القرارات التي تُجرّم العمل في مجال الفوركس في قطاع غزة.

يجدر الإشارة إلى أنّ خبراء في المجال المالي والاقتصادي كانت لهم آراء متباينة تجاه موقف وزارة الاقتصاد، إذ أيّد فريق منهم قرار الوزارة ورأى أنه يأتي في إطار حماية ممتلكات المواطنين، كما رأى آخرون بأنّ المنع ليس الأسلوب المناسب لهذا النوع من الاستثمار في ظلّ العولمة والتحوُّل الرقمي الهائل، وإنما على الوزارة أن تقوم باتخاذ إجراءات تتعلق بتنظيم عمليات التداول على الشاشة وفي مجال العملات الرقمية كما فعلت دول كثيرة عربية وأجنبية.