يصر الاحتلال على أنه يستطيع ردع الفلسطينيين، بل يتمادى في التصريحات بالتزامن مع القوة المفرطة التي يستخدمها يوميا في الضفة الغربية وغزة، في حين يسرع التهويد في القدس وهدم المنازل ومنع البناء ويصادرها بالجملة، كما يستولي على الأراضي في إطار خطط معدة مسبقا ويطبقها وفقا للمشهد الميداني.
الاحتلال يواصل تلك السياسة بل ويعد العدة لتغيير جوهري يمس الضفة الغربية وكذلك المسجد الأقصى المبارك، ويسعى في هذا الإطار لتحشيد دولي وتخدير عربي تارة بملف أوكرانيا وابتزاز الولايات المتحدة الأمريكية وتارة في مشاريع التطبيع والوهم الذي تنشره الدعاية الإسرائيلية بشأن العلاقة مع الدول العربية، وكل ذلك يكون ضد القضية الفلسطينية.
ولكن الأهم من هذا كله وما يجري داخل فلسطين وخارجها ميدانيا من تهويد وقتل وترهيب؛ وسياسيا من اختصار الصراع ليكون بمقاسات تصممها علاقة (إسرائيل) مع العرب، فكثير منهم تحول إلى وسيط رغم أنه شقيق وآخر إلى محايد رغم أنه من يتأثر يوميا وأمنه القومي بسبب ممارسات الاحتلال.
الأهم هو أننا هنا في فلسطين حيث لا غرفة سياسية تجمعنا ولا برلمانية تنظم حياتنا لتبقى فقط الغرفة المشتركة للمقاومة والتي يسعى قريبون وبعيدون إلى إلغاء فكرتها وبث الفتنة فيها؛ ليكون ذلك مفتاحا لهم لإخراجهم من مأزق موقفهم، فالغرفة المشتركة فيها ديمقراطية البنادق، بينما في الضفة الغربية إقصاء وتجريم وإبقاء الغرفة مغلقة لأشخاص يصممون القرار.
ولذلك وبالنظر إلى ما تنجزه غزة بغرفتها المشتركة وما تبنيه جنين ونابلس من فكرة صمود وتحدٍ بالتزامن مع تزايد الرباط وتحصين المسجد الأقصى المبارك من خطط التقسيم والتمزيق؛ بات لزاما إنشاء غرفة برلمانية وسياسية ورئاسية مشتركة ليست خيارا أو منة من أحد بل واجبَ وطن وقرار فصائل.
ولأهمية تلك الغرفة يحاول الاحتلال ألا تُنشأ؛ فيلغي المصالحة ويستبعد الوحدة ويشطب الانتخابات ويعزز الفتنة ويخلط الحابل بالنابل ويحاول تقزيم الأفكار وتشويه الصمود والمواجهة عبر كل السبل والوسائل الإعلامية والسياسية والميدانية والدبلوماسية، حتى يستفرد بالمقاوم غير المغطى من قرار سياسي أو إجماع في صندوق تحفظه وتحميه إرادة شعب.
وهنا وبالنظر إلى ما يسعى له الاحتلال؛ ليكن قرار الفصائل الفلسطينية واضحا لا لبس فيه أن الغرفة السياسية المشتركة حق شعبي لا يمكن أن تمنحه جهة من الشعب بقدر ما يجب أن تجريه وتنخرط فيه وتحميه كل شرائح الشعب ومؤسساته وفعالياته، كي تكون ركيزة وسندا للغرفة المشتركة وقرارها المقاوم والمدافع عن الشعب.
وفي هذا الإطار يقع على عاتق الفصائل ما يلي:
* تعبئة الجماهير والكوادر والقواعد التنظيمية على ضرورة أن يكون هناك حصاد مثمر واضح ذو هيبة لأي عمل مقاوم، وهذا الحصاد يتمثل في الغرفة السياسية والبرلمانية التي تفرز حكومة تخدم شعبا وتحمي ظهر مقاومته وتفرز رئيسا خادما لأم الشهيد وظهرا للمضحي من أجل الحرية والتحرير.
* البدء في برنامج شعبي ميداني أسبوعي وشهري مركزي في كل محافظات فلسطين يتمثل في شعار يرفعه الجميع مفاده أن الشعب يريد صوته ويحمي غرفته ويسند مقاومته ويقرر ممثله.
* البدء بالتحضير الدولي وفتح الاتصالات مع كل الدول وتركيز تلك الاتصالات على أنه لن نسمح لأحد أن يمثل فلسطين دون أن ينتخبه شعبها، ولن نسمح لاحتلال بإبقاء مسرحية أوسلو ونسج الفتن وسياسة "فرق تسد" التي يحفظ فيها استيطانه ويثبت شعبا يقاوم وينشد حقه.
* الإعلان الصريح عن نبذ كل من يواصل الاعتداء أو التضييق على الشعب ومقاومته وفصائله وحركاته وفروعها النقابية والمجتمعية.
ولذلك وبكل وضوح؛ يجب أن يكون الضبط السياسي الآن هو عنوان المرحلة حتى لا تهدر حقوق أو تستنزف طاقات أو يتسلل لنفوس الشباب ما أراده الاحتلال من وهن وهوان.
وحدة الساحات والحاضنة الشعبية وتراكم المقاومة بات كل هذا يلزمه الغرفة السياسة المشتركة التي ستضع حدا لعربدة احتلال وفساد إقصاء واستمرار تجاهل دولي.