من بين القرى الفلسطينية المهجرة إبَّان نكبة 1948، والناتجة عن جرائم العصابات "الصهيونية"، حفرت قرية السنديانة مكانتها في التاريخ ليس بسبب جمال اسمها وموقعها قضاء حيفا فحسب، بل لأنها تتمتع بتاريخ طويل جعلها لا تقل أهمية عن أي مدينة فلسطينية أخرى.
لقد حمل اسم قرية السنديانة جزءًا مهمًا من معالمها، فهي إضافة إلى تميزها بأنها تتبع مدينة حيفا، شمالي فلسطين المحتلة، فقد سميت بهذا الاسم لوفرة أشجار السنديان والبلوط في محيطها.
كانت السنديانة بسبب تميز موقعها على بعد 29 كيلومتر جنوب شرق حيفا، وفق ما توثقه مراجع تاريخية، محط أنظار العصابات "الصهيونية" وخاصة قوات "الايتسل" التي اندمجت لاحقًا مع "الهاجاناه" وشاركوا جميعًا في قتل المواطنين وتشريد سكان القرى والمدن الفلسطينية، لتسيطر هذه العصابات على مساحة واسعة من فلسطين فيما بات يعرف بالداخل المحتل 1948.
وتعدّ السنديانة إحدى قرى منطقة الروحاء وفيها أخصب الأراضي شمالي فلسطين، وتتميز بكثرة عيون وينابيع الماء ويزيد عددها عن 100، وتكثر فيها الوديان ذات الأحواض الواسعة من التربة الزراعية الخصبة.
ومعروف أن كلمة السنديانة فارسية الأصل، وهو نوع من الشجر، وسميت بهذا الاسم لوفرة أشجار السنديان والبلوط.
بالعودة عشرات السنين إلى ما قبل عهد النكبة في 15 مايو/ أيار 1948، كانت السنديانة كغيرها من القرى الفلسطينية تنعم بالحياة وأهلها وأشجارها ومصادرها الطبيعية، وقد تميزت أنها ترتفع 125 مترًا عن سطح البحر، وبلغت مساحة أراضيها 15172 دونمًا.
اقرأ أيضاً: "رمزي" رحالة مقدسي "ينبش" في ذاكرة القرى المهجرة
في حين تشير مصادر إلى أن قرية السنديانة حديثة أقامها نزلائها وينحدر أصلهم لقريتي عرابة وأم الفحم في الداخل المحتل قبل أكثر من قرنيْن من الزمن، تؤرخ مصادر أخرى بأن قرية السنديانة كانت موقعًا آهلاً بالسكان في عهد الرومان البيزنطيين.
استطاعت العصابات "الصهيونية" التي كانت تتحرك تحت أنظار الاحتلال البريطاني لفلسطين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى 1917، تهجير أهالي قرية السنديان، ضمن مخطط طال 3 أرباع المواطنين في فلسطين التاريخية.
أما عن موقعها الحالي، فتشير المصادر إلى أنه مُسيج بأسلاك شائكة، وتملئه أكوام الحجارة وأنقاض المنازل المدمرة مبعثرة بين الأشواك ونبات الصبار وشجر التين والزيتون والنخيل، في حين يستخدمه المستوطنون اليهود مرعى لمواشيهم.
لكن السنديانة بالنسبة لأهلها المهجرين إما داخل قرى ومدن الضفة الغربية والقدس، أو بلاد الشام، فلم يمحو مرور عشرات السنين على تهجيرها؛ معالمها من الذاكرة وإن طال الغياب وتصاعدت الجرائم الإسرائيلية.
ويصادف 15 مايو/ أيار 2023، الذكرى الـ 75 للنكبة الفلسطينية، وقد نتج عنها تهجير أكثر من 700 ألف مواطن فلسطيني داخل الوطن وفي الشتات أيضًا، وفق ما توثقه مصادر تاريخية رسمية.