ضيقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي خناقها على المقدسيين من خلال تشديد قبضتها الأمنية والعسكرية عليهم، لتمهيد الأجواء الميدانية لإطلاق ما تسمى "مسيرة الأعلام" التهويدية التي تمثل استفزازا لمشاعر الفلسطينيين خاصة وأنها تتزامن مع ذكرى إكمال احتلال مدينة القدس.
وشنت قوات الاحتلال خلال الأيام الماضية حملة اعتقالات واستدعاءات وإبعادات بحق المقدسيين، تخللها مداهمات للمنازل، وتفتيش محتوياتها، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات تنكيل وضرب بحق بعض المعتقلين.
وتهدف سلطات الاحتلال من حملتها إلى إفراغ القدس والبلدة القديمة من المقدسيين، لتأمين وإنجاح المسيرة، وتمكين المستوطنين من اقتحام الأقصى.
وكانت "جماعات الهيكل" المزعوم المتطرفة نشرت ملصقات على طول طريق خط القطار الخفيف في القدس، تدعو فيها المستوطنين إلى فرض أكبر اقتحام في تاريخ المسجد الأقصى، والمشاركة الواسعة في "مسيرة الأعلام".
حملة اعتقالات
وأكد رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب، أن سلطات الاحتلال شنت خلال الأيام الماضية حملة اعتقالات وإبعاد استباقية في صفوف المقدسيين؛ بهدف منعهم من المشاركة في الفعاليات المناهضة لـ"مسيرة الأعلام".
وقال أبو عصب لصحيفة "فلسطين": إن شرطة الاحتلال اعتادت تضييق الخناق على المقدسيين، وتنفيذ حملات اعتقالات وإبعاد عن القدس والأقصى والبلدة القديمة قبل "الأعياد اليهودية"، من أجل تفريغها من سكانها الأصليين.
وبين أن الحملة الإسرائيلية تستهدف بالدرجة الأولى النشطاء المقدسيين والمحررين؛ من أجل إتاحة المجال للمتطرفين لاقتحام ساحة باب العامود والبلدة القديمة، ورفع أعلامهم، وتهويد المكان؛ في مقدمة لإقامة "هيكلهم" المزعوم على أنقاضه.
وأوضح أن حملة الاعتقالات والاستدعاءات التي تنفذها شرطة الاحتلال بحق المقدسيين؛ تهدف إلى حماية المسيرة، وإيصال رسالة إلى المقدسيين بأن الأقصى ملك لهم.
وأكد أبو عصب أن المسيرة لن يكتب لها النجاح، ولن تغير من الحقيقة شيئًا، فالمقدسيون بصمودهم وثباتهم سيفشلون مخططات الاحتلال، ولن يسمحوا للمستوطنين بتنفيذ مخططاتهم العنصرية، الرامية إلى السيطرة على أولى القبلتين.
اقرأ أيضاً: بالفيديو والصور قبيل مسيرة الأعلام.. مجموعات متتابعة من المستوطنين تقتحم "الأقصى"
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تحاول من خلال مسيرتها تزوير المشهد في المدينة المقدسة عبر إبعاد المقدسيين، مردفًا: لكنها ستفشل في ذلك بفضل صمودهم وثباتهم ودفاعهم عن أقصاهم.
ثكنة عسكرية
من جهته قال الباحث المقدسي والمختص بالشأن الإسرائيلي إسماعيل مسلماني: إن سلطات الاحتلال حولت المدينة المقدسة إلى ثكنة عسكرية؛ تمهيدًا لـ"مسيرة الأعلام".
وأضاف مسلماني في حديث مع صحيفة "فلسطين" أن الأوضاع في المدينة المقدسة معقدة جدًّا وحساسة بعد تحويلها إلى ثكنة عسكرية، ورصد نحو 3 آلاف جندي لتأمينها، إلى جانب نصب الحواجز العسكرية، ونشر القبة الحديدية، وإغلاق الحواجز التي تربط مدن الداخل المحتل بمدينة القدس، مردفًا: "الكل ينتظر بقلق إلى ما ستؤول إليه الأوضاع".
وتابع: إن المسيرة تحمل هذه المرة تهديدًا وتصعيدًا خطيرًا للمس بالمسجد الأقصى وباب العامود والمسجد الأقصى، في ظل التهديدات الإسرائيلية التي أطلقت من رأس الهرم والحكومة والكنيست والجماعات الإسرائيلية المتطرفة لتنفيذها.
وذكر مسلماني أن الاعتقالات، والتضييقات، وسياسة الإبعاد التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق المقدسيين؛ تمهيدًا لتنفيذ المسيرة، والتي ستنطلق من مقبرة مأمن الله ثم شارع يافا مرورًا كالعادة بباب الجديد ثم باب العمود ثم إلى باب الخليل وباب المغاربة وحائط البراق، متوقعًا أن ذلك من شأنه أن يؤدي لتصعيد الأوضاع في القدس والضفة الغربية والداخل المحتل، أو ربما تطلق المقاومة في غزة صواريها لإفشال المسيرة.
واعتبر أن القضية الأكثر خطورة هذه المرة وجود مسيرة صودق عليها أول من أمس، من شرطة الاحتلال، ستنطلق من ثلاث نقاط وهي "رأس العامود، وجبل الزيتون والمكبر" لتلتقي عند الساعة الواحد من ظهر اليوم أمام باب الأسباط مرورًا بباب العمود.
ورأى مسلماني أن مشاركة وزراء حكومة الاحتلال، وأعضاء الكنيست الإسرائيلي، والوزراء، والجمعيات الاستيطانية في المسيرة؛ من شأنه أن يفاقم الأوضاع ويزيدها تعقيدًا.