شكل إعلان دولة الاحتلال الإسرائيلي، أمس، عن افتتاح قاعدة دفاع صاروخي مشتركة مع الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في النقب المحتل، الأمر الذي اعتبره خبراء بالشأن العسكري والإسرائيلي خلال حديثهم مع "فلسطين"، استشعارا إسرائيليا بخطر وجودي حقيقي قد لا تحتمله (إسرائيل)، فتضطر للاستعانة بأمريكا، تحسبا لاندلاع مواجهة مع الجبهتين الشمالية والجنوبية في آن واحد في ظل تعاظم قدرات المقاومة في غزة واستمرار الحصار الخانق، واستمرار التهديدات المتواصلة بين الاحتلال وإيران وحزب الله من جهة أخرى.
وكانت سوريا اتهمت (إسرائيل) في 7 أيلول/ سبتمبر الماضي بشن غارة ضد أحد مواقعها أدت إلى مقتل شخصين في هجوم على موقع يشتبه بأنه مخصص للأبحاث الكيميائية.
والإعلان عن افتتاح القاعدة، وفق ذات الخبراء، يخدم مصلحة الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، في إطار الحرب النفسية والدعائية، باعتبار أن المشروع الأمريكي شبه فاشل بالمنطقة، وتريد أمريكا تعويض الفشل بالتهديد بالقوة في ظل الحديث عن اعادة النظر بالاتفاق النووي مع إيران، والتمدد الروسي.
تجربة سابقة
الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات بين أن هذه القاعدة موجودة في النقب منذ عام 2001 غربي مفاعل (ديمونا)، وهي وجه آخر من تعميق التعاون الاستراتيجي بين الاحتلال وأمريكا، مبيناً أن هذه القاعدة تضم أكبر الرادارات بالمنطقة، وتمكن الاحتلال من استخدام شبكة الدفاع الأمريكي (باتريوت)، وباتريوت المتنقلة "3"، ومنظومة "حتس" الصاروخية مما يعني تحسين قدرات الاحتلال في الدفاع الجوي ضد الهجمات الصاروخية متعددة الجبهات.
وقال عريقات لصحيفة "فلسطين": "إن (إسرائيل) قلقة حاليا بعد حروبها المختلفة منذ عام 2006م مع حزب الله وحروبها عام 2008، و2012، و2014م، مع المقاومة في غزة".
وتابع: "هناك تجربة قاسية للجبهة الداخلية الإسرائيلية التي قصفت وشلت الحياة فيها، رغم أن هناك نظاما متعدد الطبقات كـ"القبة الحديدية"، و"العصا السحرية"، ومنظومة "حتس" وكلها مختصة في اعتراض الصواريخ ومع ذلك لم تتوقف الصواريخ عن السقوط، لذا يحاول الاحتلال الاستفادة من تجارب الماضي، من خلال المناورات المشتركة مع الجيش الأمريكي".
تهديدات إقليمية
المختص في الشأن الإسرائيلي جلال أبو رمانة يرى أن من يقرأ تطورات الأمور في الشهرين الآخرين، بما يخص كوريا الشمالية والولايات المتحدة، والتواجد الإيراني على الساحة السورية واللبنانية، يدرك أن هناك حربا يمكن أن تندلع بشكل عالمي أو إقليمي بالشرق الأوسط، خاصة أن الاحتلال وجه ضربة قبل عشرة أيام لمصنع صواريخ تابع لإيران بسوريا.
وأشار أبو رمانة في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى تهديدات وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان لإيران قبل أيام، والذي قوبل برد من قائد الجيش الإيراني بقوله: "إن طهران ستدمر (تل أبيب) اذا قامت بأي عمل غبي ضد بلاده".
وقال: "يبدو من الواضح أن الأوضاع الإقليمية، استدعت الإعلان في ظل وجود قواعد روسية بسوريا، إذ سيكون الجنود الأمريكيين مستعدين لأي حالة طوارئ، يمكن أن يعلنها الاحتلال في حالة تعرضها لحرب من أي جهة خاصة إيران".
وذهب أبو رمانة للإشارة إلى أن الاحتلال من الناحية الجغرافية حقق فشلا كبيرا في توزيع اليهود بمناطق الاحتلال، إذ أن المنطقة الممتدة من عسقلان – حيفا المحتلة يتواجد فيها نحو 60% من الإسرائيليين، موضحا أن هذه منطقة ضئيلة ولا يوجد بها أي عمق جغرافي.
ولفت النظر إلى أن الإعلان عن القاعدة هي رسالة أخرى من أمريكا لروسيا التي بدأت تفرض نفسها بالمنطقة، بعد تراجع الدور الأمريكي الذي لم يعد مثل السابق، في ظل وجود ملفات عالمية متعلقة بالملفات النووية لكوريا الشمالية وإيران، تجعل امبراطوريتها على المحك.