تنكأ ذكرى النكبة كل عام جراح الشيخ أحمد الحاج علي، الذي كان شاهدا على جريمة التشريد والتهجير والقتل التي تسببت في ترويع عائلته وتشريدها من بلدة قيسارية قضاء مدينة حيفا المحتلة، إلى الضفة الغربية، حيث استقرت عائلته في مخيم عين بيت الماء للاجئين غرب مدينة نابلس.
واستحضر الحاج علي وهو نائب في المجلس التشريعي اللحظات الأولى لجريمة التشريد، حيث كان يبلغ من العمر في ذلك الوقت تسع سنوات، قبل أن تتشوه طفولته وتداس تحت جنازير الدبابات وأمام نيران البنادق التي لم تفرق بين صغير أو كبير إبان النكبة عام 1948.
وقال الحاج علي لصحيفة "فلسطين": "على مدار عدة أيام كان الجميع في قيسارية يحبسون الأنفاس مع تصاعد توسع جرائم العصابات الصهيونية ضد المدن والقرى الفلسطينية في الداخل المحتل".
وأضاف: "عندما وصل العدو إلى قيسارية وبدأ بمهاجمة سكانها ومنازلها مرة بالقذائف وأخرى بالرصاص، وثالثة بارتكاب المجازر بحق القرية، ما دفع من تبقى إلى الفرار إلى مدينة طولكرم بالضفة الغربية في البداية".
اقرأ أيضًا: 75 عامًا على النكبة.. صحيفة فلسطين تصدر ملحقًا خاصًا للذكرى الأليمة
وأوضح أن "العصابات الصهيونية دخلت إلى قيسارية وبقية القرى بالدبابات والأسلحة، وأنه رأى بأم عينيه أطفالا يذبحون ونساء تفر من بيوتها هربًا من القصف والقتل المنتشر في كل مكان في القرية".
ولا ينسى الحاج علي لحظة الهجرة وترك البيت، مشيرا إلى أن بيت عائلته أحرقته العصابات "الإسرائيلية" بالكامل، ولم تستطع عائلته أن تُخرج منه شيئا يمكن الاستفادة منه.
ولفت الحاج علي إلى أن والده عمد إلى الانتقال بهم بعد الهجرة إلى مدينة طولكرم لعدة أيام قبل أن ينقلهم إلى نابلس ليعيشوا في الخيام بين الجبال في ظروف معقدة ومرعبة، ثم ينقلهم للعيش في مخيم عين بيت الماء غربي المدينة.
وأشار إلى أن الكثير من المهجرين في ذلك الوقت تركوا بيوتهم كما هي ولم يأخذوا منها أي شيء، حتى أن البعض تركها مفتوحة على أمل أنه سوف يعود إليها بعد ساعات ولكن ما حصل كان عكس ذلك، حيث الظلم الدولي الذي تواطأ مع الاحتلال، وسمح له بالسيطرة على البلدة واحتلالها، وطرد سكانها، وتحويل قضية اللاجئين إلى قضية مؤجلة.
وكشف علي عن أن بلدته كانت في غاية الجمال مليئة بالمروج والبيارات التي كان يعمل بها إلى جانب والده، والتي كانت الملاذ لكل أطفال قيسارية.
ووصف الحاج علي ما جرى معه بـ"الكابوس"، إذ إنهم كانوا شاهدين على بطش الاحتلال وجرائم عصابات المستوطنين التي كانت تتسابق لاقتحام المنازل وتدميرها، ثم حرقها في بعض الأحيان.
وختم حديثه قائلًا: "اليوم في الذكرى 75 للنكبة مهما تحدثنا عن تفاصيلها وما حصل معنا، ومهما تحدث التاريخ فسوف تبقى الأقلام عاجزة عن توصيف ذلك، ويضع ما تسمى حقوق الإنسان أمام تساؤلات كثيرة، ويبين مدى الظلم الدولي للشعب الفلسطيني والانحياز لمصلحة الاحتلال.