فلسطين أون لاين

القدرة: منع خروج 432 مريضًا حصلوا على تحويلات بينهم 27 حالة "إنقاذ حياة"

تقرير مرضى غزة.. الاحتلال يغلق "شريان الحياة" ويتركهم رهائن "الانتظار والموت"

...
مرضى غزة.. الاحتلال يغلق "شريان الحياة" ويتركهم رهائن "الانتظار والموت"
غزة/ يحيى اليعقوبي:
  • عبد العاطي: الاحتلال ينتهك اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر فرض عقوبات جماعية

"حاولوا تسفروها على البدري، لو طلعت اليوم أحسن من بكرة".. لم يتأخر والد الرضيعة جوري أبو بكر ابنة الثلاثة أشهر عن فعل ما طلبه منه الطبيب التخصصي بمستشفى العيون، حينما أظهرت الفحوصات وجود انفصال وتليف في شبكية عين الطفلة يهدد بفقدانها البصر كاملا.

قبل أسبوعٍ وبعد ظهور الفحوصات التي أظهرت بدء تمدد التليف إلى عين الرضيعة اليمنى، حصل على تحويلة علاجية "مستعجلة" خُتمت من كل الدوائر العلاجية المطلوبة، قبل أن يصطدم يوم الثلاثاء الماضي ببدء عدوان عسكري إسرائيلي واسع النطاق على القطاع، أغلق الاحتلال في إثره المعابر بشكل كامل حتى أمام الحالات الاستثنائية.

وأدى إغلاق الاحتلال منافذ القطاع إلى مفاقمة أوضاع مئات المرضى ممن حصلوا على تحويلات علاجية طارئة، وتركتهم فريسةً للمرض والمعاناة والألم، يهددهم الموت ليس من القصف الذي يطال كل شيءٍ، بل أيضًا من الموت البطيء وهم يرقدون على فراش المرض، دون توفر أي علاج لهم في ظل منع الاحتلال دخول 40% من الأدوية والأجهزة التشخيصية.

فقدان البصر

والرضيعة "جوري" ولدت في الشهر السابع من الحمل، ومكثت في الحضانة شهرين، وقبل شهرٍ عاد بها والدها إلى المنزل، يقتحم الخوف والقلق قلبه وهو يتحدث لصحيفة "فلسطين": "لم نكن نعلم بوجود المشكلة، قبل أسبوع أجرينا الفحوصات وطلب منا الطبيب الإسراع في تحويلها لمستشفيات الداخل المحتل أو الضفة الغربية، لكون علاجها غير متوفر في غزة".

ما يؤلمه أنّ طفلته تفقد بصرها أمامه رغم سباقه مع الوقت لإدراك التحويلة الطبية، يضيف بصوت مقهور: "بمجرد ما حصلت على التحويلة ذهبت لمستشفى "سان جون" وختمتها، تبقى ختم دائرة العلاج بالخارج، ذهبت إليهم صباح الثلاثاء فكانت الأبواب مغلقة، بسبب إغلاق حاجز بيت حانون (إيريز)".

يتمنى والد الرضيعة أن يسمح الاحتلال بخروج الحالات الإنسانية، كي ينقذ بصرها قبل فوات الأوان، لكنّ الصورة لديه ضبابية: "الواحد مش عارف إيش يصير، حالتها تسوء يومًا بعد آخر، خايف الألياف تنتشر بعينها اليمنى ونفقد الأمل"، راجيًا بقلب لم يفقد الأمل إنقاذ طفلته.

ألم ومعاناة

الحال لا يختلف كثيرًا هنا، فلا يصدر الألم والمعاناة من أصوات الصواريخ التي لم تعتد عليها الطفلة حنان (14 عامًا) التي قدمت مع عائلتها من السويد لزيارة القطاع قبل خمسة أشهر، بل من صوت أنين وألم شديد قادم من معدتها.

الطفلة التي تعاني مرضا نادرا، يسمى "كرونز ديزيز" وتحتاج إلى علاج بيولوجي عن طريق الوريد كل أربعة أسابيع، وهو ما لا يمكن الحصول عليه في غزة المحاصرة، ما سبب تدهورًا في حالتها الصحية كون الأدوية العادية (الحبوب) غير مجدية في تحسين حالتها.

"أدخلت لمستشفى شهداء الأقصى لمدة أسبوع، وأمام تدهور حالتها وحدوث ألم وتقرحات شديدة بمنطقة القولون حصلنا على تحويلة للمستشفى الاستشاري في رام الله، وقبل العدوان بيوم كنا في دائرة العلاج بالخارج وحصلنا على التغطية المالية وكنا ننتظر اتصالهم لسفرها، لكن وقع العدوان" الخوف يجتاح صوت والدتها وهي تتحدث لـ"فلسطين".

وجع الأم على حال طفلتها يتحول لكلمات تغادر قلبها: "منذ خمسة أشهر وهي تعاني لا تستطيع حمل كأس المياه، تقول لي وهي تتألم: نفسي أكون زي البنات، أمارس حياتي الطبيعية، فمعظم وقتها تقضيه في التردد على دورة المياه بسبب المرض، لا تستطيع مغادرة البيت ليوم كامل".

اقرأ أيضاً: لليوم الخامس .. معابر قطاع غزة مغلقة وتحذيرات من انقطاع الكهرباء

وتوقفت حنان عن الذهاب لمدرستها قبل بدء العدوان بسبب المضاعفات الصحية، "خجلها يمنعها من التردد على دورة المياه عدة مرات فجلست في البيت، وأخذ العلاج عن طريق الوريد ضروري لها لممارسة حياتها بشكلٍ أفضل كما كانت تفعل في السويد"، أضافت بوجع يعتصر قلبها على حال ابنتها.

عقاب جماعي

بدوره، عدّ المتحدث باسم وزارة الصحة بغزة د. أشرف القدرة إغلاق الاحتلال منافذ القطاع انتهاكا لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف، وخطرا على المرضى، لافتا إلى وجود 432 مريضًا حصلوا على تحويلات علاجية طارئة لم تسمح لهم سلطات الاحتلال بالخروج للمستشفيات التخصصية في الداخل المحتل، بينهم 27 حالة "إنقاذ حياة".

وحذر القدرة في حديثه لـ"فلسطين" من أن تلك الحالات معرضة للوفاة في أي لحظة إذا استمر التعنت الإسرائيلي بعدم السماح لها بالعلاج، مشيرا إلى أن من بينها حالات مرضى أورام وتشوهات قلب؛ يتحمل الاحتلال وحده المسؤولية عن حياتهم، كونه يمنع إدخال الأجهزة التشخيصية لغزة منذ أكثر من عام ونصف.

واعتبر ما يجري تحديًا إضافيًا أمام الطواقم الصحية في ظل استمرار الحصار للعام السابع عشر على التوالي، وهو "تقويض ممنهج" للوضع الإنساني في ظل نقص 40% من الأدوية، مشيرًا إلى أن الإغلاق يحد من حركة وصول الوفود الطبية ودخول القوافل الطبية الإغاثية لغزة.

من جهته، قال رئيس الهيئة الدولية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" د. صلاح عبد العاطي: إن إغلاق المعابر حال دون قدرة المرضى على الوصول للمستشفيات، محذرًا من أن استمرار الإغلاق يعني أن كارثة طبية وصحية قد تودي بحياة 27 مريضًا بحاجة للخروج العاجل من القطاع.

وعدّ عبد العاطي في حديث لـ"فلسطين" إغلاق منافذ غزة جريمة تضاف لسلسلة الجرائم الإسرائيلية، وانتهاكًا لكل الأعراف الدولية وأحاكم اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر على الاحتلال القيام بعقوبات جماعية وتفرض عليه التزامات السماح للمرضى بالعلاج، مشددًا على أن المطلوب من المجتمع الدولي الضغط على الاحتلال لضمان فتح المنافذ وخروج المرضى ودخول المستلزمات الطبية.