دوّت صفارات الإنذار، ظهر اليوم الجمعة، في جبال القدس الغربية والجنوبية؛ للمرة الأولى في جولة التصعيد الحالية بين فصائل المقاومة في قطاع غزة، والاحتلال الإسرائيلي، لتكون المعركة بين الطرفين -ورغم كونها غير متكافئة- "قد أخذت منحًى آخر، وتغيرًا دراماتيكيًّا، قد يُسرّع في حسمها لصالح المقاومة"، وفق ما أكده محللون سياسيون.
وكان صاروخان انطلقا من غزة، سقطا في منطقة جبلية قرب مدينة القدس المحتلة، فيما اعترضت منظومة "مقلاع داوود" المضادة للصواريخ الثقيلة صاروخين آخرين، دون وقوع إصابات.
وقال الكاتب والمحلل السياسي، سليمان بشارات: إنّ "توقيت استهداف المقاومة للقدس، يأتي ضمن مجموعة من المحددات، أبرزها أنّ الساعات القليلة القادمة قد تكون هي الحاسمة بهذه الجولة التي قد تفضي إلى هدنة ميدانية، وبالتالي يأتي هذا القصف ليحمل رسالة ضغط على الاحتلال الإسرائيلي إن لم يقبل بما هو معروض، فإنّ القادم سيكون ثمنه أعلى".
وأضاف بشارات لـ"قدس برس": "في أعقاب معركة (سيف القدس) في رمضان 2021، تم تثبيت القدس ضمن معادلة الردع من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، والآن ربما هذه رسائل تأكيد على استمرارية المعادلة هذه وعدم القبول بالتراجع عنها، سيما أننا على أعتاب تنظيم مسيرة الأعلام الأسبوع المقبل داخل المدينة المقدسة".
ورأى المحلل السياسي، في استهداف مستوطنات القدس "محاولة من المقاومة للضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بشكل خاص، وتصويره عى أنه سيكون الخاسر الأكبر في حال استمرارية المواجهة، لأنّ إدخال القدس ضمن خط المواجهة، يعني مزيدًا من الفشل وهذا سيجعله محط انتقاد أكبر خصوصًا داخل الأحزاب الدينية المتطرفة، التي تحاول أن تجعل من القدس مرجعية دينية يهودية".
وشدد "بشارات" على أنّ "المقاومة الفلسطينية تسعى لتسجيل نقاط إستراتيجية ضمن المواجهة مع الاحتلال، وهي مفهوم وحدة الساحات، فالمقاومة التي سعت إلى ضم الضفة والقدس سابقًا ضمن أيّ مواجهة، تريد أن تُعزّز مفهوم المواجهة المفتوحة إذا ما أقدم الاحتلال على أيّ استهداف داخل هذه المناطق".
وأشار إلى أنّ "هذا يدلل أنّ هناك نضوجًا تكتيكيًّا تفاوضيًّا لدى المقاومة الفلسطينية، ولم يعد الحديث عن مجرد بحث عن تهدئة مفرغة من مضامينها".
ويوافقه الرأي الناشط المقدسي محمد الغول، ويقول لـ"قدس برس": إنّ "وصول الصواريخ إلى القدس، يحمل رسائل للقيادة الإسرائيلية، ذات طابع دبلوماسي، أنها إذا لم تُليّن مواقفها في مباحثات التهدئة، فإنّ النيران ستصل إلى أهداف جديدة، وسياسية بالتلميح، بأنّ المقاومة لن تعطي حالة من الهدوء، في الوقت الذي ستخرج به مسيرة الأعلام الجمعة القادمة".
وأوضح أنّ هناك رسالة وهدفًا "عملياتيًّا"، لكنها هذه المرة وفق "الغول"، موجهة للجمهور الفلسطيني، بأنّ "المقاومة رغم الضربات التي تلقّتها فهي لن تستسلم".
وكان قيادي في حركة الجهاد الإسلامي، قال: إنّ "قصف القدس، رسالة بأنّ عين المقاومة مفتوحة على المدينة المقدسة، وتبصر كل ما يجري فيها وما يخططه العدو هناك".
وتابع قائلًا: "المعركة تقترب من موعد مسيرة الأعلام المقرر لها في 18 مايو الجاري، وهو ما يُشجّعنا أن نستمر في المواجهة".
وذكرت وسائل إعلام عبرية، أنّ رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أنهى بعد عصر اليوم، مشاورات أمنية مع وزير الجيش "يوآف غالانت" ووزير الموساد "بيرنياع"، عقب إطلاق المقاومة صواريخ على مدينة القدس المحتلة وضواحيها.
ونشر نتنياهو صورة على حسابه في "تويتر"، معنونة "مستمرون"، بينما انهالت التعليقات من المستوطنين، الذين انتقدوا أداء جيش الاحتلال، وطالبوا بوقف العدوان.