بيروت-غزة/ نور الدين صالح:
قال العميد ركن متقاعد، الخبير في الشؤون العسكرية، أمين حطيط، إن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تدير جولة الصراع الحالية مع الاحتلال الإسرائيلي بعقلية عسكرية وإستراتيجية رفيعة المستوى.
وأكد حطيط في حديث لصحيفة "فلسطين" أن "الغرفة المشتركة" للفصائل الفلسطينية أثبتت خلال الجولة الحالية كفاءة عالية في الميدان أربكت الحسابات الإسرائيلية، ووحدة الموقف الفلسطيني المقاوم ووحدة المقاومة في وجه الاحتلال.
وأضاف أن الاحتلال كان يعمل على تفكيك وحدة المقاومة والغرفة المشتركة عبر الاستفراد بحركة الجهاد الإسلامي ومحاولة إبعاد الفصائل الأخرى عن المشهد، ولا سيما حركة حماس، "لكن هذه المحاولات فشلت".
وشدد على أن الاحتلال نفذ عمليته العسكرية منتهكاً قواعد القانون الدولي الإنساني وقواعد قانون الحرب، وجعل منازل المدنيين هدفاً لأسلحته ونيرانه، مرتكبًا "جرائم حرب"، مشيرًا إلى أن استهداف قادة عسكريين لا يجيز له قتل الأطفال والنساء والمدنيين.
امتلاك السيطرة
وعدّ الخبير العسكري، الصمت الإستراتيجي الفعال الذي مارسته المقاومة الفلسطينية عقب عملية الاغتيال الإسرائيلية، "جزءا من الرد لأنه أدخل الإسرائيليين في الملاجئ ونشر أجواء الذعر والقلق والرعب في صفوفهم مدة 36 ساعة متواصلة وهم ينتظرون رد المقاومة".
وأضاف أن عملية "ثأر الأحرار" والرد على الاحتلال كان مدروساً ومخططاً وممنهجاً، حيث تدّرج من المناطق القريبة المحتلة إلى المتوسطة وصولاً إلى (تل أبيب)"، مشيراً إلى أن الرد المستمر أجهض أهداف الاحتلال من ترميم وصيانة الردع الإسرائيلي أو الإطاحة بالمعادلات أو قواعد الاشتباك.
ورأى أن يد المقاومة هي العليا منذ بدء انطلاق عملية "ثأر الأحرار"، لأن الأهداف التي سعت إليها منظومة الاحتلال لم تتحقق وفق الخطط التي أعدتها مسبقاً.
واعتبر سياسة رد المقاومة في هذه الجولة ضمن "إستراتيجية السيطرة على الوضع وامتلاك السيطرة على الميدان والخروج من الرد الفوري العفوي غير المدروس، والدخول في عملية الرد الممنهج الذي يخدم أهداف محددة"، لافتًا إلى أنها ستشكل منعطفاً لمسار الصراع مع الاحتلال.
وأشار إلى الاحتلال كان دائماً يضرب ضربته ويتوقع الرد في المكان والزمان ويجهز نفسه لتلقي الرد، أما الآن لم يحصل كما توّقع لا في الزمان ولا المكان ولا الوسيلة، وهذا يسجّل لصالح المقاومة نقطة إيجابية عالية المستوى.
وبين أن "حكومة الاحتلال كانت تريد أن تحتفل بالنصر مبكراً لذلك، رأينا رئيسها بنيامين نتنياهو ووزير الجيش يؤاف غالانت يدعيّان أنهما حققا كامل الأهداف باستعادة القوّة، ولكن بعد الرد تبيّن عكس ذلك.
وذكر أن سياسة المقاومة لها انعكاسات على الشارع الإسرائيلي، إذ إن ادخالهم في الملاجئ انتظاراً لرد المقاومة ثم استمرارهم فيها في أثناء الرد، من شأنه أن يُعبئ صدورهم ضد حكومتهم المتطرفة.
ووصف حطيط تشكيل غرفة العمليات المشتركة لفصائل المقاومة بالذكي وفي مكانه الصحيح، إذ أثبت وحدة المقاومين وأفشل محاولة العدو تشتيت العمل المقاوم.
وأكد أن الغرفة المشتركة أثبتت كفاءتها العالية في إدارتها للعمليات، وهو ما انعكس في الميدان وأنتج ارباكاً إسرائيلياً واضحاً، في "خطوة متقدمة على صعيد العمل الفلسطيني المقاوم".
وبين أن (إسرائيل) أمام خيارين الأول هو ابتلاع ما يحصل والقبول بالهزيمة والثاني، ارتكاب حماقة والذهاب لمعركة برية، "وفي هذا الحال ستشهد (إسرائيل) مشهداً غير معتاد"، مرجحاً حدوث الخيار الأول.