حذر خبراء في الاقتصاد من أي محاولات التفافية تقوم بها السلطة لاستخراج الغاز المكتشف قبالة سواحل قطاع غزة، مؤكدين أن الغاز ملك لعامة الشعب وليس لجهة دون أخرى، وأن الاستفادة منه يجب أن تطال الجميع.
وكانت القناة 13 العبرية كشفت الأسبوع الماضي، عن وجود اتصالات سرية بين دولة الاحتلال والسلطة، بغية تطوير حقل "غزة مارين" للغاز الطبيعي الواقع على بعد قرابة 30 كيلو مترًا من شاطئ قطاع غزة.
وقالت القناة إن هذه الاتصالات جاءت تتمة لاجتماعي العقبة وشرم الشيخ اللّذين عقدا في الشهور الأخيرة "بغية خفض حدة التصعيد في الأراضي الفلسطينية".
ويقدّر الاحتياطي في الحقل بـ1.1 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، أي 32 مليار متر مكعب، وهو ما يعادل طاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليار متر مكعب سنويًا لمدة 20 سنة.
وأوضح الاختصاصي الاقتصادي د. سمير الدقران أن ملف غاز غزة "قديم جديد"، يثار بين مدة وأخرى، وأن السلطة تنظر إليه على أنه مورد مهم لخزينتها العامة، وتحاول جاهدة طرق جميع الأبواب للحصول عليه.
وأضاف الدقران في حديثه لصحيفة "فلسطين" أنه ينبغي أن تأخذ السلطة في عين الاعتبار صعوبة عقد أي اتفاق لاستخراج الغاز دون موافقة قطاع غزة، الذي يعاني سكانه في الأساس عقوبات اقتصادية تفرضها السلطة عليه منذ عام 2017 وحصار إسرائيلي منذ نحو 16 عاماً.؟؟؟
لذلك يستبعد الدقران أن تقدم أي شركة مطورة عربية أو أجنبية على استخراج الغاز وتخاطر بمعداتها وموظفيها إن كان قطاع غزة رافض لذلك.
حديث الدقران ينسجم مع تأكيد حركة حماس حين قالت مؤخرًا إنها لن تسمح لـ(إسرائيل)، بجعل ملف "غاز غزة" أداة لتمرير صفقات أمنية أو سياسية مع بعض الأطراف.
وقال الناطق باسم الحركة حازم قاسم في تصريح صحفي، إن "الجهة الوحيدة المخولة بالتصرف في هذه الثروات هي حكومة وطنية منتخبة من الشعب الفلسطيني".
وأكد قاسم أن "الغاز الموجود قبالة سواحل قطاع غزة هو ثروة طبيعية ملك لكل الفقراء والشباب والأجيال القادمة من شعبنا الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة".
بدوره قال الاختصاصي الاقتصادي خالد أبو عامر إن الحديث عن الاستثمار في حقول الغاز لغزة لم يتوقف منذ عشرين عامًا، ولكن لا بد من الإشارة أن الدلالة الزمنية لما يحدث تداوله من استثمار مرتقب بين مصر وفلسطين بمباركة إسرائيلية هو بزوغ أزمة الطاقة في أوروبا بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو عام".
وأضاف أبو عامر لـ"فلسطين": "وبالتالي تسعى الدول في المنطقة للحصول على امتيازات خاصة لاحتكار ملف الطاقة لما له من أبعاد على المستوى الاقتصادي، ولكن بتقديري أن تل أبيب تحاول كسب الوقت ولن تقدم على أي خطوات لشروع شركات التنقيب باستخراج الغاز من حقل مارين".
تأكيدًا لذلك يقول أبو عامر: "نسمع في كل حكومة إسرائيلية جديدة عن وضع ملف غاز غزة على الطاولة، في محاولة لشراء الوقت وتهدئة مخاوف المجتمع الدولي من سياسات الاحتلال بتشديد الخناق على الفلسطينيين ولكن لا يحدث شيء".
وأضاف: "أهم من ذلك أن الدولة العبرية تسعى لتقديم مثل هذه الوعود والضمانات أمام شركائها في واشنطن بأنها تسعى لمساعدة السلطة في أزمتها المالية لاستمرار التنسيق الأمني".
وفي فبراير/شباط 2021، وقّع صندوق الاستثمار الفلسطيني واتحاد المقاولين (CCC) و"إيجاس" المصرية، اتفاقية للتعاون في مساعي تطوير حقل غاز "غزة مارين" والبنية التحتية اللازمة له، لتوفير احتياجات فلسطين من الغاز الطبيعي.
ويملك الفلسطينيون أول حقل اكتشف في منطقة شرق المتوسط نهاية تسعينيات القرن الماضي، وهو معروف باسم "غزة مارين"، ولم يستخرج الغاز منه حتى اليوم بسبب رفض إسرائيلي لطلبات فلسطينية من أجل استغلاله.
ويقع الحقل على بعد 36 كيلو مترًا غرب غزة في مياه المتوسط، وطوِّر عام 2000 من طرف شركة الغاز البريطانية "بريتيش غاز" التي خرجت منه لصالح شركة "رويال داتش شل"، قبل أن تغادر هي الأخرى في 2018م.