تُبدي السيدة نداء مهدي اهتماماً شديداً باستكشاف مواهب أبنائها منذ نعومة أظفارهم وتوجيههم نحو استثمارها، فكونها تقضي وقتاً طويلاً في المنزل كربة منزل يجعلها تبحث عن شغفهم وهواياتهم، وتشعر بالرضى لكونها وجهت ثلاثة منهم نحو العناية بمواهبهم.
فقد لاحظت مهدي أن ابنها البكر "محمد" (11 عاماً) يحب القراءة، واكتشاف المعلومات الجديدة فعززت حبه للقراءة بتوجيهه نحو مواقع علمية مفيدة عبر الإنترنت وجلب الكتب النافعة له، "لمستُ فيه ملكة الخط الجميل فوجهته نحو تعزيز هذه الموهبة بالتدريب المستمر والالتحاق بدورات للخط".
وبجانب ذلك فإن محمد يهوى مجال البرمجيات ما دفع والدته لإلحاقه بدورة تدريبية في صناعة الفيديو، ولا تتوقف عن البحث عن دورات مماثلة لتنمية هوايته.
ولاحظت مهدي أن ابنها الثاني براء يتسم بسعة الخيال والاهتمام بأدق التفاصيل فوجهته لكتابة القصص، وها هو يجري محاولاته الأولى في هذا الإطار، أما ابنها الثالث يوسف فيمتلك موهبة الخط الحسن.
تقول مهدي: "دعمته وشجعته حتى أخذ المركز الأول على مستوى مدرسته في الخط، وثلاثتهم حاليًّا يحفظون القرآن الكريم كي تتفتح مداركهم، ولديّ ثلاث بنات أكبرهن خمس سنوات سأطبق النهج ذاته معهن، وصولاً لاكتشاف مواهبهن والاستفادة منها".
مواهب متعددة
الأخصائية النفسية والاجتماعية إكرام السعايدة، تقول: "حبا الله الخلق بملكات ومواهب متعددة تبدأ بالظهور منذ الطفولة، ويقع على عاتق الأهل مسئولية كبيرة اكتشاف تلك المواهب وتنميتها بالتدريب والممارسة بما يضمن مستقبلاً مميزا ًلهؤلاء الأطفال".
وتنقسم أنماط التنشئة الأسرية في التعامل مع مواهب الأطفال لنمطين: الأول إيجابي، فهو يعمل على احترام مواهب وقدرات طفلهم والعمل على صقل مهاراته، أما الثاني فهو سلبي والذي يحاول فرض مهارات معينة على الأبناء والأطفال حتى إن كان الطفل يفتقر إلى الحد الأدنى منها أو لا يرغبها وهذا ينعكس بالسلب عليه، ويشعره بالعجز والفشل.
وتبين السعايدة أن الأسلوب الأمثل لاكتشاف مواهب الأبناء هو السماح لهم بالتعبير عن اهتماماتهم وميولهم والعمل على توفير أجواء مناسبة لاستكشاف تلك القدرات.
وتضيف: "إعطاء الطفل مساحة كافية من التعبير عن المشاعر والرغبات الحقيقية يخلق منهم شخصيات متزنة وذات تقدير عالٍ لذواتهم وشخصيات مستقلة يتسمون بالإصرار والمثابرة وهناك عدة طرق تساعد الوالدين في اكتشاف مواهب أطفالهم".
وتدعو السعايدة إلى احترام قدرات الأطفال وعدم فرض مطالب معينة عليهم، "فلا أجبر الطفل على المشاركة في نشاط معين لأني كولي أمر أحبه، فالبعض يرى من ابنه مشروعًا لتحقيق ما فشل فيه، فيضغط على الطفل للاهتمام بالمواهب التي يريدها هو، وهذا خطأ فادح يطمس شخصية الطفل".
كما حثت الأهالي على السماح للطفل بتجريب أشكال معينة من الأنشطة والمجالات بما يمنحه الفرصة للتعرف على ميوله وشغفه، وأن يؤمنوا بأن أطفالهم يختلفون عنهم خاصة هذا الجيل في ظل ظهور أنشطة لم تكن موجودة من قبل كالألعاب الإلكترونية.
وتابعت: "فرفض الأهل للأنشطة المستحدثة يجعل هناك فجوات بينهم وبين أطفالهم، فيظهر جليًّا ما يسمى بصراع الأجيال"، معتبرة أن المسارعة في عقاب الأبناء عند ارتكاب أي خطا للرغبة في إظهاره بصورة مثالية منافية لطبيعة الطفل، ويجعله يشعر بالعجز.
وتنصح السعايدة الأهل بتعليم الطفل ثقافة وضع الأهداف والسعي إلى تحقيقها بمساعدة منهم، وعدم ربط حبهم له بنجاحه، بل دعمه في حالتي الفشل والنجاح.
علاقة صحية
ويمكن للأهل أن يكتشفوا مواهب أبنائهم بالحرص على وجود علاقة صحية معهم، وتشجيعهم وعدم تثبيطهم مما ينمي لديهم المثابرة حتى لو فشلوا، مع توفير الإمكانيات اللازمة لرغباتهم وميولهم، كما تبين الاختصاصية الاجتماعية.
ومضت بالقول: "ينبغي تعليم الأطفال مهارات شخصية مهمة كالمرونة وعدم الاستسلام لليأس والمحاولة والتجريب، بجانب تخصيص وقت لهم كجزء من الروتين اليومي للحديث عن أفكارهم وطموحاتهم وما يريدون الحصول عليه".
ودعت الأسر إلى تعزيز الثقة بالنفس لدى أبنائها، وعدم تفضيل الدارسة على المواهب، "بل يجب تشجيع الأطفال على الاهتمام بمواهبهم مع التحلي بمهارات إدارة الذات بشكل جيد، وترتيب الأولويات وتنظيم الوقت".ر