عامان مرّا على قرار رئيس السلطة محمود عباس تعطيل إجراء الانتخابات العامة بذريعة رفض سلطات الاحتلال الإسرائيلي إجراءها في مدينة القدس، لكنّ قوائم انتخابية رأت في القرار هروبا للسلطة من خسارة ملموسة في الانتخابات.
وأصدر عباس في 30 أبريل 2021م مرسومًا عطّل فيه الانتخابات العامة، بذريعة منع إجرائها في مدينة القدس المحتلة، إذ كان يفترض أن يختار الشعب الفلسطيني ممثليه في المجلس التشريعي، على أن تُجرى بعدها الانتخابات الرئاسية وانتخابات المجلس الوطني.
وقد عارضت حينها القوائم الانتخابية والفصائل قرار تعطيل الانتخابات، وخرجت احتجاجات ضد القرار في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما صدرت مواقف متباينة تجاه القرار من العديد من القوى العالمية.
خسارة فتح
وأكد رئيس قائمة "الحرية والكرامة" أستاذ القانون الدولي والعلوم السياسية أمجد شهاب، أن قرار تأجيل الانتخابات البرلمانية قبل عامين جاء خشية من خسارة حركة فتح التي يتزعمها عباس.
وعدّ شهاب في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، قرار تعطيل الانتخابات بذريعة عدم موافقة سلطات الاحتلال على عقدها في مدينة القدس، شماعة علق عليها رئيس السلطة فشله، من أجل مواصلة اغتصاب السلطة، مؤكدًا أن إجراءها يمكن أن يحدث عبر عدة طرق، كالتصويت عبر الإنترنت، أو القنصليات الأجنبية بالمدينة المقدسة بسبب الحصانة الدبلوماسية التي تتمتع بها أو من عبر دور العبادة والكنائس.
وقال: إن قرار ما سمي "التأجيل" جاء بعد استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز بحث أظهرت خسارة حركة فتح في الانتخابات، من جراء الانشقاقات في صفوفها، والإعلان عن ثلاث قوائم لها، إحداها بقيادة عباس، والثانية يترأسها القيادي في الحركة الأسير مروان البرغوثي، ورئيس الملتقى الوطني الديمقراطي ناصر القدوة، والثالثة يتزعمها رئيس "التيار الإصلاحي" محمد دحلان.
وأكد شهاب أهمية "إجراء الانتخابات "التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني"، وإصلاح منظمة التحرير، وتحريك المياه الراكدة، ووقف "النزيف والانحطاط" في المشروع الوطني والذهاب نحو الهاوية، منبها على ضرورة عمل المجلس التشريعي للمراقبة على مؤسسات الدولة، ومراجعة القرارات والتشريعات التي صدرت طوال السنوات الماضية، ووقف هيمنة الحزب الواحد على الدولة.
وعدّ شهاب "استمرار بقاء السلطة عبئا كبيرا وعقبة أساسية في تقرير مصير الشعب الفلسطيني، فوظيفتها محاربة كل ما من شأنه مساعدة شعبنا على انتزاع حقوقه من سلطات الاحتلال واسترداد أرضه".
اقرأ أيضاً: تقرير استمرار تعطيل عباس الانتخابات.. احتكار للسلطة ونهب لمقدرات الشعب
وشدد على ضرورة إجراء الانتخابات "من أجل وقف الانهيار في مؤسسات الدولة، والتنصل من كل الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال، وعلى رأسها أوسلو، واتفاقية باريس الاقتصادية والتنسيق والتعاون الأمني".
قوة ضاغطة
في حين استبعد فخري جرادات الناشط السياسي والمرشح عن قائمة "طفح الكيل" في الانتخابات التشريعية التي عطلها عباس، وجود نية لدى رئيس السلطة والمتنفذين بمقر المقاطعة في رام الله لإجراء الانتخابات.
وقال جرادات لصحيفة "فلسطين": "إن عباس، وجماعته يرون أنه لا مصلحة لهم بإجراء الانتخابات، فهم على علم برأي الشارع ونفوره من حولهم"، مردفًا: "أنه في حال لم يتحرك الشارع الفلسطيني للضغط على السلطة لإجراء الانتخابات وإعادة إصلاح منظمات الدولة فنحن أمام مستقبل قاتم".
وعدّ أن قرار إلغاء إجراء الانتخابات التشريعية يكمل سلسلة مراسيم أصدرها عباس طوال السنوات الماضية، كحل المجلس التشريعي في كانون الأول عام 2018م، والسيطرة عليه وإلحاقه بالمجلس الوطني، وإنشاء المجلس الأعلى للهيئات والجهات القضائية برئاسته.
وأضاف "أن تفرد رئيس السلطة بالقرارات وإصدار القوانين جعلنا نجد أنفسنا أمام ديكتاتور متسلط على شعبه"، داعيا المتفردين في الحكم بمقر المقاطعة للنزول عند رغبة الشعب الفلسطيني بالعودة لصندوق الانتخابات بشكل عاجل.
ورفض عملية الاستحواذ التي أدت إلى تقزيم منظمة التحرير ودورها، ولهيمنة مجموعة من المنتفعين وأصحاب المصالح عليها وعلى مصير الشعب الفلسطيني.
وأكد "أننا بحاجة إلى إجراء الانتخابات، والرجوع لخيارات الشعب الذي يقرر مصيره وليس إلى المنتفعين الذين يعتلون سدة الحكم في رام الله، ممن يعيثون فسادًا في مؤسسات الدولة دون حسيب أو رقيب".
ودعا للمشاركة "في فعاليات الكتلة الشعبية الضاغطة التي ينظمها المؤتمر الشعبي الفلسطيني "14 مليونًا" من أجل استعادة منظمة التحرير وتخليصها من الاستحواذ ونظام المحاصصة الفصائلية المقيت".