لم يكن يعلم اللاجئ السوري تركي النعيمي (49 عاما) بأنه سيحضن طفلته "حلا" مرة أخرى، والذي فارقها عنوة تحت وطأة حرب لم تبق ولم تذر قبل نحو 10 أعوام.
لحظات تقشعر لها الأبدان، وتحتبس معها الأنفاس، عيون الحاضرين تنظر بكل ألم وحزن إلى تركي وهو يعانق صغيرته في مطار الملكة علياء الدولي بالعاصمة الأردنية عمان.
وكالة الأناضول تابعت لحظات لمّ الشمل بين الطفلة ووالدها، والتي كانت ثمرة جهود مشتركة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر التركي ونظيره الأردني، ومفوضية شؤون اللاجئين.
تفاصيل القصة تعود إلى عام 2012، بعد أن كان الأب قد غادر سوريا ولجأ إلى الأردن تاركًا ابنته البالغة من العمر، حينها، ثلاثة أعوام عند عمّها، والذي توّفي في وقتٍ لاحق لتظل مع زوجته التي سافرت إلى تركيا فيما بعد هربًا من النزاع المسلّح في بلادها.
لم ينقطع تواصل الأب مع ابنته، واستمر الأمر، حتى قرر تركي عام 2019، اللجوء إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وهنا، قالت متحدثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالأردن، سجى عليوة: "بعد تواصل تركي معنا، بدأنا على الفور التواصل مع الهلال الأحمر التركي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين للم الشّمل بين الأب وابنته".
وبينت "قصة حلا هي رمز لآلاف العائلات السورية التي تفرقت بفعل الحرب والنزاع المسلح، وتشير إحصاءاتنا إلى وجود نحو 25 ألف حالة لأشخاص مماثلين، فقدوا أو انفصلوا عن عائلاتهم منذ بدء النزاع عام 2011".
وأكدت "كلجنة دولية للصليب الأحمر، وبالتعاون مع شركائنا في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، نعمل على إتمام أكبر عدد من عمليات لم الشمل بين الأطفال وعائلاتهم، ولن نتوقف عند حلا، ومستمرون في ذلك".
دموع الفرح تنهال على وجنتيه، وتلعثمت الكلمات على لسانه، فور مشاهدة لحلا، لكن تركي أكد أن "مشاعري لا توصف اليوم وأنا أكمل فرحتي بلقاء حلا بعد كل هذه الأعوام".
وتابع "أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساهم في إتمام هذه اللحظة، وتحديداً اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والهلال الأحمر التركي والأردني، ومفوضية شؤون اللاجئين، وقيادتي الأردن وتركيا".
كبرى ديلفيليه، مسؤولة إعادة الروابط الأسرية في الهلال الأحمر التركي، اعتبرت أن "تفاصيل الحالة تعود لعام 2019، وعملنا مع الصليب الأحمر والهلال الأحمر الأردني ومفوضية شؤون اللاجئين، لإعادة حلا لحضن والدها".
وأضافت "الجهات الأردنية والتركية الكل ساعدنا، واليوم وبعد 10 أعوام نجمع شمل الأب مع ابنته، وتقابلت حلا مع أبيها، لم نفقد الأمل ولكننا بالعمل الجدي وصلنا لرؤية هذه اللحظة".
أما زينة المصري، المسؤولة بذات الاختصاص في الهلال الأحمر الأردني، بينت أن "ما حصل هو قصة نجاح، وتمكنا من الوصول إلى هذه اللحظة، وتمكن تركي من أن يلتقي بابنته لتعود روابط هذه العائلة وشملها لتلتئم مجدداً".
ويرتبط الأردن مع جارته الشمالية سوريا بحدود طولها 375 كلم، ما جعل المملكة من بين الدول الأكثر استقبالا للسوريين، بعدد بلغ مليونا و300 ألف شخص، نصفهم فقط يحملون صفة "لاجئ".