حالة من الرعب تنتاب المستوى السياسي والأمني والعسكري داخل كيان العدو الإسرائيلي، بعد تنامي المخاطر في المدة الأخيرة، وارتفاع "مستوى التهديد" بشأن إمكانية التعرض لهجوم منسق من عدة جبهات في أي معركة أو جولة مرتقبة، وقد زادت المؤشرات على ذلك بعد أن تواترت التهديدات من قبل محور المقاومة بأن العدو سيتعرض لهجمات غير مسبوقة من كل جبهات محور المقاومة في أي مواجهة مرتقبة، وقد شهد شهر رمضان بروفة بسيطة تدلل على تغير المعادلة وتشكُّل بيئة جديدة في وجه العدو بعد أن تعرض الكيان لرشقات صاروخية من (غزة، ولبنان، وسوريا) بعد الاعتداء على الأقصى مؤخرا.
وهذا بدوره جعل قادة الكيان في حالة غير مسبوقة من الذعر والإرباك خشية من تكرار هذا السيناريو بصورة موسعة وأكثر قوة ما سيجعل العدو أمام "تحديات خطرة للغاية" يمكن أن تؤدي (لانهيار الجبهة الداخلية)، وتخلف خسائر فادحة، الأمر الذي دفع قيادة العدو للتفكير في خيارات عسكرية متقدمة لمواجهة هذا التهديد ومحاولة ‘فشال مثل هذا الهجوم، أو على الأقل محاولة الحد من تأثيره؛ لأن الجبهة الداخلية لا تحتمل مثل هذا السيناريو، والكيان ليست لديه القدرة على مواجهة حرب طويلة وشاملة، لذلك نجده يحاول حسم المعركة في الساعات الأولى أو اليوم الأول لتحقيق الحد الأقصى من أهدافه التي يسعى لتحقيقها.
وهذا ما سيفرض عليه: 1- المبادرة لمباغتة المقاومة وتوجيه ضربة استباقية، سواء كان ذلك بمحاولة تصفية عدد من القيادات، وضرب عدد من المواقع والمقدرات العسكرية للمقاومة بشكل متزامن. 2- تكثيف القصف الجوي واستخدام القوة الأقصى في الساعات الأولى أو الأيام الأولى. 3- إحداث أكبر قدر من التدمير في البنية التحتية والمباني والمنشآت وغيرها. 4- رفع مستوى الكلفة البشرية من الضحايا في صفوف المدنيين واستهدافهم بشكل مقصود ومركز. هذه ملامح إستراتيجية عمل العدو في الحروب السابقة ويمكن أن تكون حاضرة وبقوة في أي جولة مرتقبة.
لكن في المقابل فإن العدو "سيدفع ثمنًا كبيرًا" على أي خطوة، سواء بادر لفتح معركة أو رفع سقف النار في مواجهة المقاومة حال اندلعت المواجهة لأي سبب كان، وسيدرك أن كلفة أي خطوة أو خيار في إطار السياقات السابقة التي حاول فرضها في الحروب السابقة أو ما سيحاول فرضه بقوة في أي مواجهة مرتقبة ستكلفه ثمنا غير مسبوق؛ لأن المعادلة تغيرت، وقد شهد كيف تعاملت المقاومة خلال معركة سيف القدس 2021 مع نيرانه وقصفه الهمجي، وأظهرت مدى عجزه وضعفه وفشله سواء في القدرة على تحقيق أي من أهدافه، أو القدرة على وقف الهجمات الصاروخية أو حتى الحد من قوتها وكثافتها، التي استمرت طوال المعركة دون أن يكون قادرا على حسم المعركة بأي صورة.
وفي السياق يمكن الإشارة لما نشره الصحفي الإسرائيلي والمحلل العسكري "بن كاسبيت" نقلا عن مسؤول أمني كبير: إنه إذا اندلعت حرب متعددة الجبهات سيستخدم جيش الاحتلال الإسرائيلي كامل قوته في الأيام الأولى، وهذا بدوره سيخلف دمارا هائلا في أي جبهة مستهدفة، وأضاف إلى أن الغرض من ذلك حسم المعركة في أقصر وقت ممكن، مشيرا إلى أن المستويات السياسية والأمنية تدرك أن الجبهة الداخلية لا تحتمل حربا طويلة الأمد على جبهة واحدة، فما بالكم بحرب طويلة تفرضها المقاومة وتشارك فيها عدة جبهات؟ حينها سيجثو العدو على ركبتيه، فبدلا من ترميم صورة الردع سينهار الردع تماما، وسيجد العدو نفسه غارقا في تسونامي من النيران لا نهاية له.