فلسطين أون لاين

​أحبابهم يعبرون عن الفرحة والشوق بوسائل متعددة

في مراسم استقبال الحجاج حتى "الجدران" تحتفل بهم

...
مواطن يمر من أمام إحدى الجداريات في غزة (تصوير / محمود أبو حصيرة)
غزة - يحيى اليعقوبي

بعد أن دخلت تلك النفوس غرفة "العناية الإيمانية المركزة" في رحاب الديار الحجازية، واستنشق حجاج بيت الله الحرام لحظات روحانية دغدغت الوجدان والحواس، بالطواف والاستغفار وأداء الركن الخامس من أركان الإسلام، وهم يناجون الله بالرحمة والمغفرة والعتق من النيران، انتهت المناسك، وغادر الحجاج الفلسطينيون مكة عائدين إلى قطاع غزة في رحلة عودة متعبة تخللها مكوث فترة من الانتظار استمرت لساعات عبر معبر رفح الحدودي، إلى أن وصل الحجاج سالمين غانمين لمنازلهم وأقيمت مراسم استقبال بدت لائقةً بتلك الأشواق المتبادلة بين الحاج وأهله.

في استقبال الحجاج، خُطت جدران الطرقات بعباراتٍ تهنئهم بسلامة العودة مع رسومات للكعبة المشرفة، "حجا مبرورًا، وذنبًا مغفورا، وتجارة لن تبور" كانت هذه العبارة الغالبة على معظم الجدران، ودقت أناشيد إسلامية تتقدمها أنشودة "طلع البدر علينا" وغيرها من الأناشيد، وتلألأت منازل الحجاج بحبال الزينة المضيئة تمام كما أضاء نور الحجاج منازلهم، وزينت المنازل بباقات الورد لتعكس جمالًا آخر كجمال عودة الحاج بقلب صاف بعد رحلة ايمانية في الديار الحجازية ، وكذلك المُلصقات التي حملت التهانئ مرفقة بصورة كل حاج.

لكن الاستقبال القلبي الذي أجّجه الشوق بعد رحلة غيابٍ استمرت نحو شهر، كان الأهم بالنسبة لهؤلاء الحجاج، فشعروا بمدى حب الأهل والأقارب والأحباب لهم.

شوق وتعب

"كان يوما سعيدًا، استقبلني فيه الأهل على المعبر بعد تعب طويل أمضيناه في الانتظار بمعبر رفح باحتجازنا من الساعة 12 في منتصف الليل وحتى الثامنة صباحا، إنها فرحة يتمنى كل مسلم أن يشعر بها" بهذا بدأ الحاج خليل اليازجي ( 36 عاما) حديثه لصحيفة "فلسطين"، ثم تابع القول: "كان شعورًا رائعا حينما كان أخوتي وأفراد أسرتي، قد رتبوا مراسم استقبالٍ لي، بالورود والمفرقعات النارية، والأناشيد الدينية".

وصل اليازجي منزله وكله شوق لأولاده، وأخوته، فوجدهم جميعًا ينتظرون استقباله، لكن تأخير المعبر أخره كذلك عن رؤية أولاده الذين كانوا قد ذهبوا إلى المدرسة.

كيف كان شعور الاستقبال بعد الغياب؟ إجابة ممزوجة بالشوق: "سيشعر بجمال "دمعة اللقاء" من يذهب إلى الحج ويعود سالمًا خاصة أن الحاج حينما يغادر بلده يودع أهله، لأنه قد لا يعود إليهم".

"أهلا وسهلا .. نور الحاج" ممزوجة بصوت أنشودة "طلع البدر علينا" مع تبادل عناق الشوق مع أخوته وأحبابه، أكثر ما لفت الحاج اليازجي في تلك المراسم، ويكمل بنبرة صوت بادية عليها السرور "سعيد بأني أديت الأمانة والركن الخامس، خاصة في ظل الظروف التي نعيشها فمناسك الحج تحتاج إلى قوة وصحة".

"رغم العقبات التي حصلت لنا في الطريق، والمبيت في سيناء، بمجرد وصولنا لغزة، تناسينا هذه العقبات، بعد أن وجدنا عائلتنا في استقبالنا وهم يخطون الجدران بعبارات التهنئة بسلامة العودة، ويطبعون ملصقات التهنئة، ويجهزون ديكورات المنزل لاستقبالنا" بذلك بدأ الحاج أبو أحمد حديثه مع صحيفة "فلسطين"

"كنا ندرك أن التعب على قدر المشقة، وأن كلما زدنا في العبادة يزيد الأجر، فأجواء العبادة بتأدية مناسك الحج لا تنسى".

"ماذا أقول؟ " .. جال الكلام برهة في خاطره، ثم تابع: "كان السرور يملأ قلوبنا، بعد غياب قارب الشهر عن أحبابنا، وكانت تلك المراسم تزيد الإنسان فرحة فهي نوع من اظهار الشوق المتبادل بين الحاج وأقاربه".

فرحة استقبال

وتلك المراسم، والكلام لأبو أحمد، تعبير عفوي وسريع عن الفرحة باستقبال الحجاج، به يظهر المستقبلون أنهم سعداء بتأدية الحاج للركن الخامس، ويردف: "بمجرد وصولنا البيت تناسينا عقبات السفر، تأملت الكلمات وعبارات التهنئة؛ إنها تعبير معنوي عن الشوق الملموس في قلوب الأقارب والأحباب".

فيما كان الحاج علي أبو عقلين37 عاما ووالدته في شوق شديد "أحر من الجمر" كما وصفه، لأهله ووطنه الذين كانوا في حيرة من أمرهم في انتظارهم، خاصة بعد الأحداث التي جرت في سيناء الأسبوع الماضي، ويقول لصحيفة "فلسطين": "رغم جمال مكة والمدينة ولما لهما من أهمية دينية، إلا أن الإنسان يظل يحن لوطنه".

استقبلت عائلة أبو عقلين حاجهم بعد ليلتين من الانتظار في صالة معبر رفح، إذ انقطع الاتصال بهم لساعات بعد أحداث سيناء، كان أخوته في استقباله على المعبر، وباقي أقاربه كانوا ينتظرونه في البيت، ويواصل: " كتبوا على الجدران ووضعوا الملصقات؛ الحق يقال أني ابتهجت برؤية ذلك؛ أجمل ما في المراسم أن الجميع يحتفلون بك لتظهر مدى محبة الناس لا سيما حين يتجمع أفراد عائلتك وجيرانك وأقاربك ويتوافدون إلى بيتك لاستقبالك في مظهر اجتماعي يؤكد مدى ترابطنا كشعب فلسطيني".

ويبلغ عدد حجاج قطاع غزة هذا العام نحو 2900 حاجًا وحاجة بمن فيهم البعثات المتعلقة بموسم الحج، بالإضافة إلى 500 من أهالي الشهداء.