أدانت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان – شاهد، تورط شركات دولية كبرى في انتهاكات حقوق الأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ودعت لمقاطعتها، في ضوء انخراطها المشين بما يرتكبه الاحتلال من سلسلة الانتهاكات الممنهجة تجاه الأسرى.
وأضافت في تقرير أصدرته، اليوم الأربعاء، أن "سياسات الاحتلال تتمثل بحرمان الأسرى من حقوقهم المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وتمارس بحقهم شتى أنواع الانتهاكات من التعذيب والمعاملة اللاإنسانية، والاعتداء اللفظي والجسدي أثناء الاعتقال والتحقيق، ومنع المرضى منهم من الاستشفاء، ومن لقاء عائلاتهم أو التواصل معهم، فضلا عن الاعتقالات الإدارية التعسفية اللامتناهية".
وأشارت أن "هذا الواقع الصعب الذين يعاني منه الأسرى، من انتهاكات الاحتلال المختلفة، وسياساته القمعية المتكررة، يتم تحت أنظار المجتمع الدولي، وفي صمت لافت دون أي تحرك من شأنه أن يرفع الظلم عنهم.
واستطردت أنه من اللافت ليس فقط غض طرف المجتمع الدولي عن هذه الانتهاكات، "بل مساهمته بشكل مباشر أو غير مباشر فيها، من خلال توثيق مساهمة شركات تجارية دولية في هذه الانتهاكات، عبر تعاونها مع الاحتلال الإسرائيلي في أطر متنوعة".
وأوضحت أن "شركة (HP) الأمريكية الناشطة في قطاع التكنولوجيا، توفر خدمات التكنولوجيا لجيش وشرطة الاحتلال للحفاظ على الاحتلال غير القانوني للأراضي الفلسطينية، بل ويطيل أمده، وتشمل أنظمة التطوير والتركيب والصيانة والدعم الميداني المستمر لنظام تحديد الهوية بالقياسات الحيوية (بازل)، المثبت في نقاط التفتيش بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة"، وفق بيان "شاهد".
وأكدت أن "شركة (HPE) توفر لسلطة السكان والهجرة الاسرائيلية خوادم (إيتانيوم) حصرية لنظام (أفيف)، مما يمكن الاحتلال من السيطرة على نظام التمييز العرقي والفصل العنصري الممارس ضد الفلسطينيين، ويرتبط بشكل مباشر بالاستيطان من خلال قاعدة بيانات مجلس المستوطنات (ييشع)، وتجمع المعلومات بشأن المستوطنين الإسرائيليين في المستعمرات غير الشرعية في الضفة الغربية".
وأوضحت أن "شركة HP ضالعة بتواطئها في الانتهاكات الإسرائيلية المختلفة، وقدمت خدمات وتقنيات لجيش الاحتلال ومصلحة سجونه، بما في ذلك توفير خادم الشبكة المركزي وصيانته، وتوفر الخوادم وتخزين البيانات وخدمات أمن البيانات لوزارة الداخلية الإسرائيلية، وصيانة معدات مركز بياناتها، وأجهزة الكمبيوتر والاتصالات لمصلحة السجون، وفي 2021، تم التعاقد مع الشركة لصيانة خوادم شرطة الاحتلال حتى عام 2023".
وأشارت أن "شركة (G4S) البريطانية الرائدة في مجال خدمات الأمن والمرافق تقدم خدمات أمنية وتكنولوجيا ذكية متطورة لدولة الاحتلال، لاسيما مصلحة السجون، مما يجعلها تساهم بترسيخ انتهاكات حقوق الأسرى بشكل صارخ، مما يؤكد إرادة الشركة للاستثمار بدولة الاحتلال، والتعاون معها، غير آبهة بالانتهاكات التي تساهم فيها تجاه الأسرى الفلسطينيين في سجونها".
وأوضحت أن "هذه الشركات ترتكب مخالفات لمبادئ الأمم المتحدة، بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان التي صادق عليها مجلس حقوق الإنسان في 2011، لمنع انتهاكات حقوق الإنسان في إطار الأعمال التجارية".
وتابعت: "عند مراجعة الانتهاكات المترتبة عن علاقة هذه الشركات الدولية مع الاحتلال الإسرائيلي، يتضح تماما مدى خرقها لهذه المبادئ الأممية، وقد تواصلت مؤسسة "شاهد" مع إدارة الشركتين للاستيضاح حول أمور متعلقة بتزويد الاحتلال بمعدات وتقنيات ساهمت في انتهاك حقوق الفلسطينيين على نطاق واسع".
وحمّلت "شاهد" المجتمع الدولي وسلطات الاحتلال جميع العواقب الناتجة عن سياساتها تجاه الأسرى الفلسطينيين، ودعت الأمم المتحدة للإعلان عن قائمة سوداء، وتوفير "قاعدة بيانات" تتضمن أنشطة للشركات التي تساهم في أعمال تنتهك حقوقهم.
كما طالبت الدول العربية ذات العلاقات مع هذه الشركات "توجيه إنذار رسمي إليها، لمطالبتها بإغلاق مقارها وفروعها وشراكاتها مع الاحتلال، والحديث مع المنظمات الحقوقية المدافعة عن حقوق الإنسان للتحرك قانونياً وحقوقياً لمساءلة هذه الشركات أمام الجهات القضائية المختصة" .
كما دعت المجتمع الدولي "للضغط على الشركات المتعاونة مع الاحتلال لإنهاء عقودها التجارية معه، ودعوة المجتمعات الحرة لمقاطعة الشركات المساهمة في حرمان الأسرى الفلسطينيين من حقوقهم، وتشكيل لجنة دولية للوقوف على الآثار الناجمة عن السياسات المتبعة من قبل الاحتلال تجاههم".