قائمة الموقع

الخوّاصة.. حرفة تراثية تبدعها الستينية مصلح بسلال ملونة

2023-04-18T10:41:00+03:00
فاطمة مصلح

في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تكافح فاطمة مصلح لصناعة المنتجات من شجر النخيل الذي تشتهر به مدينتها بالرغم من تناقص أعدادها المستمر.

مصلح التي تبلغ 68 عامًا، تبدع في صناعة السعفيات التراثية التي تعتمد أساسًا على أوراق السعف إلى جانب عشبة الحلفاء، منذ 25 عامًا.

وصناعة سعف النخيل مهنة قديمة في فلسطين، وتضم منتجات يدوية تتطلب موهبة ومهارة، ويقبل على شراء هذه المنتجات العديد من الفلسطينيين.

وتقول مصلح لـ"فلسطين": إن "حرفة "الخوّص" أقل ما يمكن وصفها بأنها ذات قيمة عالية فهي من التراث الفلسطيني، كما توفر لي ولعائلتي مصدر دخل يعيننا على تلبية متطلبات حياتنا المعيشية". 

وعن كيفية استخدام سعف النخيل في صناعة المنتجات، توضح مصلح أنها تختار سعف النخيل من وسط النخلة وقلبها ليكون أخضرًا لينًا، ويكون لونه مائلًا للصفرة قليلًا، ومن ثم تجففه تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أيام ليصبح سهل الاستخدام، ويحفظ حتى استخدامه في منطقة جافة حتى لا يصله الماء ويصيبه العفن.

وتلفت إلى وجود نوعين من السعف: الأول هو لب الخوص والذي تستخدمه في الصناعة كونه يتميز ببياضها وصغر حجمها وليونتها، والثاني هو باقي أوراق النخيل العادية الأكثر خشونة وطولًا.

وتضيف مصلح: "يُجمع السعف كضمة واحدة ونقعها بماء ساخن لمدة ساعة إلا ربع، وبعدها توضع في قطعة قماش قطنية ولفها لنحافظ عليها لينة ومرنة وسهلة الطي في العمل، ومن ثم تسحب واحدة تلو الأخرى وقسمها ليس من المنتصف بل بشكل مائل".

وبحرفية عالية تستخدم نبات الحلفاء ذات اللون الأخضر كحشوة للمنتجات التي تصنعها، إذ تضع كمية من هذه العشبة وتحيطها بسعف النخيل وتشكله بالشكل الذي تريده بواسطة المسلة الطويلة.

وتعدد المنتجات التي تصنعها من سعف النخيل منها: سلال الخبز، والحلوى، وأطباق للعجين، ومعلقات تستخدم للزينة في المنازل، وسلال الأفراح.

تلك الصناعة اليدوية تنجز بتجميع أوراق سعف النخيل وتصنع باليد بطريقة تجديلية قد تضيق الغرزة وتتسع حسب ما يصنّع، وتنتهي بتشابكها مع بعضها البعض، مبينة مصلح أن هذه الصناعة تعتمد في صناعتها على إبرة الخياطة التي تسمى "المسلة". 

ويلتف حول مصلح بعض أحفادها الذين يساعدوها في العمل بعدما علمتهم أسرار تلك المهنة التي تعلمتها من إحدى جاراتها بعدما انجذبت لتلك الصنعة.

وتواصل حديثها: "الخواصة مهنة مرتبطة بالتراث الفلسطيني الذي يحاول الأغراب سرقته، فلا نريد أن تنقرض ويجب أن تورث وتعلم للأجيال للحفاظ على الهوية الفلسطينية"، مبينة أنها عملت على تدريب العديد من الشباب المهتمة بالمجال عبر مؤسسات محلية.

وبالرغم من ما تحمله تلك المهنة من فن وتعب في الوقت ذاته فإنها صعبة وليست سهلة كما يعتقد البعض، ولكن ما أن تنتهي مصلح من صنع إحدى السلال القشية تغمرها السعادة.

وتحاول السيدة لفت الأنظار إلى تلك المهنة عبر تطعيم السعف بقماش السيتان ذي الألوان الزاهية بدلًا من غمس السعف بالألوان فيفقد لونه بمرور الوقت أو عند ملامسته الماء. 

وتجند مصلح مواقع التواصل الاجتماعي لأجل التسويق لمنتجاتها التي تصنعها بيدها بمساعدة بناتها وزوجات أبنائها وأحفادها، إلى جانب المعارض المحلية التراثية التي تقام في بعض المناسبات الوطنية، وبالرغم من ذلك تواجه صعوبات في التسويق والبيع.

وتقول بأسف: إن غالبية الزبائن لا يقدرون ثمن الجهد المبذول في صناعة القطعة المعروضة وقيمتها، مشيرة إلى أن ثمن القطعة الواحدة 20-50 شيقلًا وقد تباع بأكثر من ذلك حسب الحجم والجهد المبذول في صناعتها.

وتسمى الأدوات المشغولة من سعف النخيل بالخُوّص، أو السعفيات، وصناعة النخيل، ويطلق عليها الباحثون اسم صناعة المنسوجات النباتية، أما العرب والبدو منهم فيسمونها "الخواصة".

و"الخواصة" هي مهنة قديمة تنتشر في العراق، ومصر، وفلسطين، وعدد من بلدان الخليج والمغرب العربي، وعلى الأغلب يشتهر بها قبائل البدو.

اخبار ذات صلة